الانتقالي الجنوبي

اليمن.. سياسة العصا والجزرة التي يمارسها الانتقالي الجنوبي ضد الإصلاح

لا يمكن وصف المغامرة العسكرية السعودية في اليمن بأقل من الكارثة، والآن بعد أن بدأت المشاكل السياسية والاقتصادية تضرب الداخل السعودي، تكافح المملكة من أجل الحفاظ على رباطة جأشها وإقناع الأطراف المتحاربة في جنوب اليمن باتفاق سلام. 

تصاعد الصراع بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا برئاسة "عبدربه منصور هادي" والمجلس الانتقالي الجنوبي المنافس لها مرة أخرى في 26 أبريل/نيسان، عندما أعلن المجلس الحكم الذاتي على جنوب اليمن. 

وفي حين انصب التركيز على المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة "هادي" نفسها، إلا أنه لم يتم التركيز على أهمية التنافس بين حركة "الإصلاح" والمجلس الانتقالي وتداعيات هذه التطورات على الدور الحالي والمستقبلي للإصلاح داخل الحكومة على نطاق أوسع.

الضغط بإعلان الحكم الذاتي

لم يكن إعلان 26 أبريل/نيسان هو أول إعلان حكم ذاتي من المجلس الانتقالي، ومن غير المرجح أن يكون الأخير، حيث يستخدم هذا التكتيك كوسيلة للضغط. 

يعد المجال السياسي العسكري في اليمن معقدًا بشكل استثنائي، لكن الأمر الذي أصبح واضحًا بشكل متزايد هو أن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح أحد أصحاب الشأن الرئيسيين القادرين على التأثير على اتجاه الصراع ومستقبل جنوب اليمن إلى حد ما. 

لكن ادعاءات المجلس الانتقالي بأنه يبسط سلطته في جميع أنحاء جنوب اليمن لا يعكس الواقع على الأرض بشكل كامل، كما يتضح من السكان والمسؤولين في أبين والمهرة وحضرموت وشبوة وسقطرى الذين يرفضون إعلان المجلس الانتقالي.

ومع ذلك، أثبت المجلس الانتقالي أنه يتمتع ببعض النفوذ على السعودية، لا سيما بسبب قدرته على فرض إرادته على مدينة عدن الساحلية الحاسمة، عاصمة اليمن المؤقتة، وإن كانت رمزية فقط.

تقاسم الكعكة مع الإصلاح

هناك أشياء على المحك أكبر بكثير من مجرد تنازلات سياسية وعسكرية في زمن الحرب بين الرئيس "هادي" والمجلس الانتقالي الجنوبي. 

فحركة "الإصلاح"، ونائب الرئيس المتقلب الجنرال "علي محسن"، على وشك كسب أو فقد نفوذ كبير في حال نجاح أو فشل المجلس الانتقالي على المدى القصير والطويل. 

لطالما كان "الإصلاح" حزباً مؤثراً داخل الحكومة اليمنية ولكن ظهور لاعبين أقوياء آخرين قادرين على التأثير على الاتجاه المستقبلي للبلاد يأخذ قطعة من الكعكة، وعلاوة على ذلك، ستمنح هذه القطع لأكبر عدوين لـ"الإصلاح" وهما: "الحوثيون" والمجلس الانتقالي الجنوبي.

كان "الحوثيون" و"الإصلاح" خصومًا منذ فترة طويلة، حيث يحمّل الحوثيون "علي محسن" المسؤولية باعتباره الرجل الذي قاد الجيش اليمني ضدهم خلال حروب صعدة بين عامي 2004 و 2010 أثناء عمله قائدا للمنطقة العسكرية الشمالية الغربية والكتيبة الأولى المدرعة. 

نجح "علي محسن" بانتهازيته في الاستفادة من نفوذه العسكري في منصب نائب الرئيس، وعمقت الحرب الجارية هذا العداء فقط حيث أنها وضعت "الإصلاح" و"الحوثيين" بمواجهة بعضهما في أعنف معارك الحرب. 

ومن الواضح أنه لن يكون هناك حل في اليمن بدون أن يجلس "الحوثيون" على طاولة المفاوضات.

وبالمثل؛ تم تشويه كل من "الإصلاح" و"علي محسن" من قبل الجماعات المؤيدة للانفصال في جنوب اليمن. 

يشبه هذا الاختلاف التنافس التاريخي الذي شهد هزيمة فصيل "الزمرة" لـ"الطغمة" خلال الحرب الأهلية الجنوبية التي وقعت في عام 1986. 

تتألف فصيل "الزمرة" من الأتباع الجنوبيين لرئيس جنوب اليمن "علي ناصر محمد" أثناء صراع 1986، الذي كان في المقام الأول في أبين وشبوة. 

وشمل "الزمرة" الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" والرئيس "هادي" وحلفاء داخل "الإصلاح"، ولا سيما "علي محسن". 

بينما تألف "الطغمة"، بشكل رئيسي من انفصاليين من محافظتي الضالع ولحج، بقيادة "علي سالم البيض" وقد مثلوا فيما بعد المجلس الانتقالي وأتباعه في عدن والضالع ولحج.

 

العصا والجزرة

شهد آخر إعلان للمجلس الانتقالي بالحكم الذاتي عودة الاشتباكات مع القوات الموالية لـ"هادي"، ولا سيما تلك المرتبطة بـ"الإصلاح". 

وإلى جانب هذه الاشتباكات، شن حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي حملات دعائية ضد بعضهما البعض، مع اتهام المجلس الانتقالي الجنوبي بالتنسيق مع كل من الحوثيين و"القاعدة".

ومثلما حدث في اندلاعات العنف السابقة بين الأطراف المتحاربة؛ كان التركيز على تأمين مواقع استراتيجية في شبوة وأبين، خاصة في شقرا وزنجبار وأبين، والتي ستكون بمثابة بوابة محتملة للجيش اليمني إلى عدن. 

يرى المجلس الانتقالي أن اكتساب اليد العليا في هذه المناطق، حيث يقل نفوذه عن قاعدة قوته الأساسية، أمر ضروري لتعظيم امتيازاته السياسية، أما "الإصلاح" فيرى أن السيطرة على عدن هي الضمانة لأفضليتهم على المدى الطويل. 

نجح الإصلاح حتى الآن في احتكار السلطة داخل الحكومة والجيش، لكن التنازلات الممنوحة للمجلس الانتقالي من خلال اتفاقية الرياض تستلزم التنازل عن النفوذ لأعدائه.

يفتقر المجلس الانتقالي في الوقت الحاضر إلى الدعم المحلي والدولي الواسع النطاق لتحقيق هدفه المتمثل في السيطرة على جنوب اليمن بشكل مستقل، لكنه سيواصل الضغط من أجل الحصول على أقصى قدر من التنازلات من حكومة "هادي" والتحالف السعودي لإعادة النظر في مطالبه في المستقبل. 

ستظل تصرفات المجلس الانتقالي والإصلاح مدفوعة بازدرائهم المتبادل لبعضهم البعض وهدف تأمين النفوذ. 

لم تمت اتفاقية الرياض بالكامل حتى الآن، حيث عقد موفدو المجلس الانتقالي اجتماعات في الرياض للعمل على مراجعات. 

ولا تستطيع السعودية تحمل عدم تنفيذ الاتفاقية، ومع ذلك، لن يكون تنفيذها سوى حل قصير المدى يسلط الضوء على الشقوق التأسيسية داخل جنوب اليمن، والبلاد ككل، كما يكشف عن أهمية البدء في التفكير في خليفة لـ"هادي" غير "علي محسن".

المصدر | برايان أم. بركينز - جايمس تاون فاونديشين - ترجمة وتحرير الخليج الجديد