صعّد ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من تحركاته العسكرية في جزيرة سقطرى، وسيطرت قواته على مبنى المحافظة في حديبو، عاصمة سقطرى، وكذا مبنى إدارة الأمن الذي يقع في منطقة تضم مقراً لقوات التحالف( 808).
وأصبحت السيطرة على كامل أرخبيل سقطرى هدفاً رئيسياً بالفعل لقوات الانتقالي على الرغم من تداول الأنباء عن مقترح سعودي لوقف القتال في أبين بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي.
وتشير خطوة الانتقالي في هذا التوقيت إلى محاولاته تحسين موقفه السياسي قبيل أي حلول سياسية لإعادة إحياء اتفاق الرياض عبر ضم سقطرى إلى مناطق سيطرته، وتعويض تراجعه في حضرموت وشبوة وأبين.
تخفيف الضغط عن أبين وعدن
خلال الأسابيع الماضية زادت حدة المعارك بين القوات الحكومية وقوات الانتقالي في بلدة "الشيخ سالم" الواقعة شرق مدينة زنجبار، ومع أن قوات الأخير نجحت في التصدي للتقدم العسكري الحكومي نحو زنجبار حتى الآن لكن هذا لا يخفي أن الضغوط تزداد بالفعل على المجلس الذي يتبنى مطلب انفصال جنوب اليمن ويلقى دعماً سخياً من الإمارات.
فقوات الانتقالي تقهقرت في ضواحي شمال زنجبار وخسرت مواقع مهمة في مناطق "الطرية" و"صرر" و"عبر عثمان" لكن التقدم الأبرز كان في جبل "يسود" الذي يقع على بعد 10 كيلو من الطريق الفاصل بين مدينتي زنجبار وجعار اللتين تخضعان لسيطرة المجلس الانتقالي.
أدى هذا التقدم إلى مضاعفة الضغوط على المجلس الانتقالي الذي كان فشل في استعادة مدينة شقرة في الـ11 من يونيو عندما أطلق حملة عسكرية واسعة قُتل فيها ما لا يقل عن 70 جنديًا من قواته بينهم 3 من قادة الفصائل المحلية.
على إثر هذا كانت استراتيجية الانتقالي تركز على فتح جبهات إشغال جديدة مع القوات الحكومية لتخفيف الضغط المتصاعد على قواته في أبين من جانب ومن جانب آخر كانت المهمة تتعلق بالتغطية على فشله في إدارة ملفات الأمن والخدمات والمرتبات في عدن.
كانت قوات الانتقالي تدرك صعوبة تمويل هجوم واسع في شبوة وحضرموت التي ترابط فيهما قوات عسكرية من الجيش الحكومي إضافة إلى ان المحافظتين النفطيتين مرتبطتان بمحافظات أخرى تخضع جميعها للقوات الحكومية ما يعقد من مهمة الانتقالي في التحرك بسلاسة وسط خطوط الإمداد الحكومية على طول الطريق من أبين مروراً بشبوة التي ترتبط بحضرموت ومأرب.
على إثر ذلك قررت قوات الانتقالي تمويل تحركات في شبوة إلى جانب محاولات متواضعة لتمويل تحركات مماثلة في وادي حضرموت الذي يخضع لقوات الجيش بالتزامن مع تمويل حملات إعلامية ضد السلطة المحلية في المكلا.
ولا ينتظر الانتقالي نتائج كبيرة من شبوة وحضرموت لكن التركيز بدرجة رئيسية كان على سقطرى التي تلقت فيها قواته دفعات معنوية كبيرة بعد انشقاق قادة كتائب عسكرية في اللواء الأول مشاة بحري عن القوات الحكومية وإنضمامها إلى قوات المجلس المدعوم من الإمارات.
تحسين الموقف
خلال الـ9 أشهر الماضية تراجع المجلس على الصعيد العسكري بعيد خسارته مناطق مهمة (جنوب شرق البلاد)، إضافة إلى انحسار شعبيته في عدن ولحج وأبين.
والآن تقف دوافع تحسين الموقف السياسي للمجلس خلف التحرك الأخير في عاصمة محافظة سقطرى في خطوة من المحتمل أن تكون استباقًا لأي تحركات من السعودية لإعادة إحياء اتفاق الرياض ووقف القتال شرقي محافظة أبين.
ولا يبدو المجلس الانتقالي راضيا على وضعه السياسي والعسكري إذ بات محصورا في الزاوية غير المريحة بالنسبة له (عدن ولحج والضالع وأجزاء من محافظة أبين) وهي المساحة التي بدا فيها مكشوفاً وعاجزاً عن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، كما أن أصوات الرفض الشعبي لسيطرته بدأت ترتفع في هذه المحافظات التي يسيطر عليها بشكل مطلق منذ أغسطس الماضي.
والآن يرغب الانتقالي في ضمان الاحتفاظ بسقطرى باعتبارها ورقة ضغط في صراعه مع القوات الحكومية ويسعى من خلالها إلى فرض شروطه قبيل أي محادثات سياسية لضمان تعيين موالين له في مناصب محافظ الجزيرة ومدير الأمن فيها.
وفي الحالة العامة يبدو الانتقالي مندفعاً بتشجيع وجشع إماراتي لفرض سيطرته المطلقة على سقطرى في إطار الاهتمام الإماراتي البالغ بالتواجد العسكري في الجزيرة المهمة في المحيط الهندي.
وترغب الإمارات في تثبيت نفوذ حلفائها بشكل كامل لضمان التخلص من أي عراقيل عسكرية أو قانونية مستقبلا من السلطات التابعة للحكومة الشرعية فيما إذا نجحت محاولة إخراج القوات الحكومية من الجزيرة.