كورونا

كورونا يفترس مدينة وسط اليمن.. أرقام مخيفة ووضع مزرٍ (تقرير)

“كورونا منكم وإليكم”؛ بهذه العبارة الساخرة، بدأ الناشط الحقوقي محمد اليفاعي، حديثه عن الوضع الوبائي في محافظة ذمار (جنوب العاصمة صنعاء)، قائلاً: “كل شيء على حساب المواطن، ابتداءً بالكمامة، وانتهاء بالإبر الميدانية، وكأن الأمر لا يعني أحداً”.
ووصف اليفاعي الوضع الوبائي في المحافظة، بـ”المخيف” في ظل استهتار رسمي وشعبي إزاء الوباء القاتل، مؤكداً في حديث لـ”المشاهد” أن مراكز العزل التي تم الإعلان عنها موجودة في الكشوفات والمحاضر، وغائبة عن أرض الواقع.
وتم مؤخراً التوجيه بافتتاح أقسام خاصة بمكافحة فيروس كورونا في المستشفيات الأهلية، لكن هذه الخطوة “استثمار للمرض الوبائي”، كما يقول اليفاعي.
وتصل تكلفة الفحص والأدوية للمريض إلى 50 ألف ريال يمني (80 دولاراً أمريكياً)، دون أن يحظى بأية رعاية طبية.
وسبق أن أعلن مكتب الصحة العامة والسكان في ذمار، عن وجود 3 مراكز عزل، منها مركز الجدد الذي تم تمويل إنشائه من قبل مؤسسة بازرعة الخيرية، بأكثر من 90 مليون ريال، ومركز في مستشفى الملكة أروى، ومركز ثالث في أحد مباني جامعة ذمار.

لا يوجد مركز عزل في ذمار

ويتكون مركز الجدد الصحي الواقع جنوبي مدينة ذمار، من مبنيين، أحدهما خصص ليكون مركز عزل، لكن منذ وصول التجهيزات وأجهزة التنفس والعناية المركزة للمركز من قبل مؤسسة بازرعة، في 12 مايو، لم يعمل وفق ما جُهز، إذ زاره مراسل “المشاهد”، في 28 مايو، فوجده متوقفاً عن العمل.
وقال الطبيب المناوب هناك إن المركز لم تستكمل فيه التجهيزات، وإنه لم يعمل، وإن هناك ترتيبات لافتتاحه بعد استكمال التجهيزات ورصد مخصصات مالية للعاملين.
كانت تلك العبارات هي كل ما خرج به المراسل من الطبيب الذي تبين أنه كان مشغولاً بترتيب كشوفات بأسماء مرضى ارتادوا المركز بأمراض غير “كورونا”.
ومنذ بداية مايو ومركز أروى مغلق على خلفية مشاكل بين الشركاء أفضت إلى إعلان قضائي بإغلاق المستشفى، لكن مكتب الصحة أعلن أن ذلك المستشفى مركز خاص بالعزل الصحي.
الكثير من المواطنين يأتون إلى هذا المستشفى على أساس أنه مركز عزل صحي، لكنهم يفاجؤون بأنه مغلق، وفق جيران لمبنى المستشفى، مؤكدين أن المستشفى لم يفتح منذ إغلاقه.
وتواصل مراسل “المشاهد” مع رئيس جامعة ذمار الدكتور طالب طاهر النهاري، للاستفسار عن تخصيص أحد مباني الجامعة كمركز عزل صحي، فرد بالقول: “تواصلوا معي من قبل مكتب الصحة بالمحافظة، للحصول على مبنى في الجامعة الجديدة لتخصيصه كمركز عزل، فتم منحهم مبنى “قسم الفنون الجميلة”، ليكون مركز عزل، كونه بعيداً نسبياً عن المباني الأخرى، لكن منذ ذلك اليوم لم يتم عمل شيء، ولم يتم تحويله لمركز للعزل”.
وأوضح النهاري أن لجاناً من الجامعة جمعت الأجهزة والكراسي والمستلزمات التعليمية من القسم إلى مكان آخر، على أن يتم تسليم المبنى لمكتب الصحة، لكن المكتب حتى اليوم لم يعمل شيئاً في المبنى.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن اللجنة الفرعية لمواجهة وباء كورونا، حصلت على 120 مليون ريال من اللجنة الرئيسية بصنعاء، لمواجهة الوباء وتجهيز المراكز، والبدء في سلسلة من عمليات التوعية وحملات الرش.
ورد مدير مكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة ذمار، الدكتور خالد علي الحجي، خلال اتصال هاتفي مقتضب، قائلاً إن مكتب الصحة عاجز عن مواجهة فتح المركز، وأنه ينتظر إرسال مخصصات مالية لفتح المركز. مشيراً إلى أن فتح المركز مرهون بوجود مخصصات مالية.
وبالنسبة لمركز العزل في المستشفيات الخاصة بذمار، فإن قدرتها لاستقبال المرضى محدودة، بالإضافة إلى أن تكلفة الحالة الواحدة لليوم الواحد تتراوح بين 30 و50 ألف ريال يمني، وهي مبالغ كبيرة يعجز السواد الأعظم من أبناء ذمار عن دفعها، كما يقول الحجي.

المركز الوحيد توقف عن استقبال مصابين

وفي ظل هذا الوضع، يواجه مستشفى الوحدة التعليمي الجامعي بمدينة معبر (جنوب صنعاء)، ضغطاً شديداً.
وخُصص هذا المشفى ليكون مركز عزل محورياً، لكنه يضم 12 جهاز تنفس صناعي فقط، وقدرته الاستيعابية لا تتجاوز 50 مريضاً.
موخراً، توقف ذلك المشفى عن استقبال حالات جديدة، نتيجة الضغط اليومي عليه.
ويتكفل أهالي المريض بالأدوية والأكل والشرب. وقال أحد أهالي المرضى الذين تلقوا العلاج في المركز: “نقلت أبي إلى المركز، وبقيت 15 يوماً أنام تحت إحدى نوافذ المركز، مع الكثير من أقرباء الأهالي، ننتظر أن يعطينا الممرض ورقة كتب عليها أدوية لشرائها من الصيدليات الخارجية، أو لشراء الأكل والشرب للمرضى”.
وتابع: “بعض من كانوا في المركز توفوا، وكان يترسب إلى قلوبنا اليأس، وكثيراً ما حاولت إخراج والدي، لكن كان الأمن يمنعنا. بعد 15 يوماً خرج والدي، الحمد لله، معافى، لكن بعد خسارة كبيرة جداً”.

المصدر: المشاهد