يدور في أروقة الأمم المتحدة، صراع دبلوماسي بين المملكة العربية السعودية وشركائها الغربيين من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى.
وكان مجلس الأمن الدولي، عقد الثلاثاء، جلسة عبر دائرة تليفزيونية، حول الملف النووي الإيراني، بمشاركة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ووزير خارجية طهران محمد جواد ظريف، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وناقش الاجتماع تقرير الأمين العام حول امتثال إيران للقرار 2231، وتطورات الاتفاق الإيراني مع الدول الكبرى وآثار الانسحاب الأمريكي منه، والاجراءات التي اتخذتها طهران رداً على ذلك، ومصير القيود المفروضة على تصدير الأسلحة التقليدية إلى إيران، والتي تنتهي في 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل بموجب قرار المجلس رقم 2231.
وفي هذا السياق، أكد المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، يوم الأربعاء، أنه يجب عدم إعطاء إيران فرصة للقيام بسلوكيات أكثر تدميرا.
وقال في مؤتمر صحافي "نتوقع من مجلس الأمن تمديد قرار حظر الأسلحة على إيران"، مضيفاً "واجهنا الكثير من التهديدات والاستفزازات الإيرانية".
وجاء تصريح المعلمي بالتزامن مع تصريح لوزير الخارجية الأميركي، مارك بومبيو، اليوم، قال فيها إن رفع حظر التسلح على إيران سيزيد التوتر في المنطقة، مشددا على أن واشنطن لن تسمح لإيران بزعزعة استقرار المنطقة مجددا.
وأضاف بومبيو أن الحكومات في العالم ترفض حصول إيران على أسلحة متطورة، فهي لم تلتزم بالقيود الحالية وما زالت تواصل ارتكاب الانتهاكات، مشيراً إلى" أنه لا يمكن الوثوق في إيران كدولة مسؤولة عندما تواصل تهديد الدول الأخرى ودعم النشاط الإرهابي".
والثلاثاء، شدد الوزير الأمريكي والمندوب السعودي، على ضرورة استمرار حظر الأسلحة على إيران إلى أجل غير مسمى، مشيرين إلى ما تضمنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، بخصوص تدفق الاسلحة الإيرانية على اليمن واستخدامها في الهجمات على المنشأة النفطية السعودية.
الموقف السعودي الأمريكي، قابلته إيران بالتحذير على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، من أن "أي محاولة لتغيير الجدول الزمني الخاص برفع القيود المفروضة على إيران والمنصوص عليها في القرار رقم 2231 ستؤدي إلى تقويض هذا القرار بشكل كامل".
وطالب ظريف في كلمته بمجلس الأمن الولايات المتحدة بـ"دفع تعويضات" لشعبه بسبب الأضرار التي لحقت بهم جراء قرارات الإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن الأخيرة "فشلت في تركيع" بلاده.
وشن مندوبو ألمانيا والصين وروسيا، في مجلس الأمن، هجوماً حاداً على الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب سياستها تجاه الملف النووي الإيراني.
وفيما تسعى واشنطن والرياض لتمرير مشروع قدمته المندوبة الأمريكية لمجلس الأمن ينص على تمديد العقوبات على إيران "إلى مالا نهاية"، وجهت روسيا والصين وألمانيا انتقاداتها للولايات المتحدة لـ"لخرقها القانون الدولي وانسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة".
في عام 2015 وقعت كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، اتفاقاً مع إيران، يتيح فرض قيود على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
لكن بعد 3 سنوات، انسحبت واشنطن من الاتفاق، بزعم عدم جدواه، وشرعت بفرض عقوبات قاسية على طهران.
ومن ضمن التبريرات الأمريكية لفرض تلك العقوبات، تهريب إيران للصواريخ البايستية والطائرات المسيرة للحوثيين، واستخدامها في قصف أهداف نفطية ومدنية في السعودية.
وتستشهد الرياض وواشنطن بمضامين تقرير الأمين العام حول امتثال إيران للقرار 2231، إضافة إلى الأسلحة والمعدات العسكرية التي يتم مصادرتها بين الحين والأخر، وهي في طريقها للحوثيين قبالة اليمن.
وقبل يومين، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية ضبط شحنتي أسلحة إيرانية كانت في طريقها للحوثيين في اليمن، اثناء محاولة تهريبها قبالة سواحل المهرة، والساحل الجنوبي للبلاد.
وقال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، إن "تقرير الأمم المتحدة الذي يثبت تورط النظام الإيراني بالهجمات التخريبية على المملكة يبين الوجه الحقيقي لهذا النظام برؤيته الظلامية للمنطقة، في نفس الوقت الذي يبحث فيه جيرانه عن استقرار المنطقة وعلاقات حسن الجوار".
وأضاف بن سلمان في تغريدات على حسابه بـ"تويتر" أن طلب بلاده "تحقيق أممي مستقل (بشأن الهجمات على ارامكو) جاء لتأكيد ما نعرفه عن النظام الإيراني وليقوم المجتمع الدولي بدوره لإيقاف ممارساته الخارجة عن القوانين والأعراف الدولية".
وكانت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، "روز ماري ديكارلو" استعرضت الثلاثاء في بداية جلسة مجلس الأمن أهم النتائج التي خلص إليها تقرير غوتيرش.
وقالت ديكارلو إنه "وفقًا للتقرير، فإن تقييم الأمانة العامة (للأمم المتحدة) لمضبوطات الأسلحة التي حصلت عليها الولايات المتحدة في نوفمبر 2019، وفبراير 2020 (في المياه الدولية قبالة سواحل اليمن) تشير إلى أن الأسلحة من أصل إيراني، وعمليات نقل الأسلحة هذه ربما كانت غير متسقة مع القرار 2231".
وأضافت "ويذكر التقرير أيضا أن صواريخ كروز، المستخدمة في هجمات 2019 على منشآت السعودية النفطية ومطار أبها الدولي، كانت أيضا من أصل إيراني".
ويبين تقرير غوتيريش (S/2020/531) الذي أطلع المصدر أونلاين على مضامينه، أن الأسلحة التي استخدمت لمهاجمة المملكة العربية السعودية في أيلول/سبتمبر 2019 إيرانية الأصل.
ويشير التقرير إلى تعمد إيران تضليل العالم عن طريق الزعم بأن الحوثيين يتحملون مسؤولية الهجوم على المنشأة السعودية النفطية، وأكد تقرير الأمين العام ارتباط إيران بالهجوم على المواقع السعودية، وأن الاسلحة التي ضبطت خلال الاشهر الماضية قبالة السواحل اليمنية، كانت في طريقها إلى الحوثيين.
وكانت مليشيات الحوثيين المتمردة في اليمن، أعلنت مسؤولياتها عن الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ التي استهدفت منشأة أرامكو النفطية السعودية في سبتمبر/ايلول، لكن تقرير خبراء لجنة العقوبات بالأمم المتحدة بشأن اليمن، وتقرير الأمين العام بشأن القرار 2231، أكدت أن تلك الهجمات لم تنطلق من الاراضي اليمنية.
ضض