كورونا

معهد أمريكي يكشف عن 4 أسباب وراء إخفاء الحوثيين بيانات كورونا (ترجمة)

ترجمة: أبوبكر الفقيه- يمن شباب نت

قال معهد الشرق الأوسط الامريكي، ان استجابة اليمن الوبائية الفاشلة، اضافة الى ديناميكيات الصراع الهشة، هي عوامل ستسمح بتفشي كورونا دون اكتشاف في البلاد، لافتا إلى أن هناك أربعة أسباب وراء إخفاء الحوثيين للأعداد الحقيق للإصابات.
 
وأضاف المعهد في تحليل - ترجمه "يمن شباب نت" - بأنه "منذ تسجيل اول حالة اصابة بفيروس كورونا في حضرموت (شرق اليمن) ينتشر الفيروس بسرعة دون أن يتم اكتشافه، مع معدل وفيات معروف أقل بقليل من 25 بالمائة - أي "أعلى بأربع مرات تقريبًا من المتوسط العالمي"، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة للتنسيق والشؤون الإنسانية. حيث أنه من بين أكثر من 1100 حالة تم الإبلاغ عنها، لقي أكثر من 300 شخص حتفهم حتى 30 يونيو.
 
ومع ذلك، وبحسب التحليل، يشير الافتقار إلى الاختبار الكافي وتعمد عدم الإبلاغ عن عدد حالات الاصابة بالفيروس إلى أن هذه الأرقام قد تكون مجرد غيض من فيض.
 
ولفت "أن الوضع العام في البلاد، الذي مزقته الصراعات، هش للغاية.  والبنية التحتية الصحية على وجه الخصوص غير كافية إلى حد كبير. في غضون ذلك، لم يتلق العاملون الصحيون، كغيرهم من العديد من موظفي الخدمة المدنية والجنود، رواتبهم منذ شهور".



بالإضافة إلى ان تعطل دفع الرواتب بسبب عدد من العوامل، بما في ذلك استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على حوالي 64 مليار ريال يمني من البنك المركزي، وتلاعب المجلس الانتقالي بالإيرادات المحلية التابعة لمؤسسات الدولة، وقيود التحالف على صادرات النفط اليمنية وانخفاض أسعار النفط، بالإضافة الى قيام الحوثيين بسحب أكثر من 35 مليار ريال يمني من حساب خاص تشرف عليه الأمم المتحدة في الحديدة.
 
 
كوفيد19 وديناميكيات الصراع في اليمن
 
في المناطق المحررة من البلاد، كانت هناك مجموعة متنوعة من الاستجابات للوباء. ففي المحافظات الأكثر استقرارًا مثل حضرموت والمهرة، كان أداء السلطات المحلية أفضل. حيث فرضت تدابير حظر التجول، وقيّدت حركة التنقل بين المحافظات، وعملت على متابعة تطورات الفيروس، ونسقت الاستجابة الصحية مع الجهات المعنية في سياق اجراءات أوسع لإدارة الصراع.  وكباقي اليمن، تحتاج المحافظتان إلى معدات طبية، بما في ذلك معدات الحماية الشخصية، والمراوح، ومجموعات الفحص.
 
في عدن، حيث فرض المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية في أواخر أبريل / نيسان، كان الوضع رهيباً. حيث أغلقت العديد من المستشفيات أبوابها خوفًا من انتقال الفيروس، وسط محاولات المرضى الوصول إلى العلاج والتشخيص، مع تسجيل وفيات لم يتم تشخيص حالاتها، خلال الأسبوعين الأولين من شهر مايو تصل إلى حوالي 950. وشملت هذه الوفيات تلك المتعلقة بالأمراض الموسمية الناجمة عن الفيضانات الأخيرة ودرجات الحرارة المرتفعة، بالإضافة إلى عدد أكبر يعتقد أنه مرتبط بكوفيد 19.



ربما أدى التصعيد الأخير بين الجيش اليمني والقوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة أبين وأرخبيل سقطرى، والذي جرى بتواطئي سعودي ضمني، إلى تأخير الاستجابة الصحية الطارئة.  في عدن، على عكس المهرة وحضرموت، لم يتحسن الوضع بشكل ملحوظ حيث لا يزال مئات الأشخاص يموتون، مما يدل على الحاجة إلى دعم أكبر للمستشفيات المحلية وكذلك الحاجة لوجود حكومة فاعلة وقادرة.
 
وبالتالي يتوجب على سكان حضرموت والمهرة الحفاظ على الاستقرار والأمن، إن لم يكن تعزيزه، لضمان الوصول إلى استجابة فعالة للفيروس.

 
كوفيد19 في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون: من الإنكار إلى الاعتراف
 
في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، لم يفعل إخفاء المتمردين الحوثيين لأرقام حالات كوفيد 19 شيئا سوى تمكين تفشي الوباء دون اكتشافه.
 
وتحدث شاب يمني فقد شقيقه في أبريل بسبب فيروس كورونا، لمعهد الشرق الأوسط، بالقول «لقد انخرط أخونا الراحل مع جميع أفراد الأسرة في صنعاء.  عاش حياته اليومية وكان يمضغ القات مع الأصدقاء. زارنا أبناء عمومتنا وعائلاتهم.  قمنا أيضا بزيارتهم».
 
واضاف بالقول «لم يكن أحد يعرف أن شقيقنا مصاب بكوفيد 19 حتى ظهرت عليه بعض الأعراض قبل وفاته في نهاية المطاف.  يمكنك أن تتخيل عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى دون علم في هذه العملية".



من أجل إخفاء الأرقام الحقيقية، رفض الحوثيون التنسيق وتبادل المعلومات مع المنظمات الصحية الدولية، وبدلاً من ذلك قاموا بمراقبة هواتف المصابين بالفيروس وعملوا على ترهيب العاملين الصحيين والمرضى وعائلاتهم.  حيث أن الخوف من الانتقام هو ما منع الكثير من الناس وحتى بعض المنظمات من التحدث علانية عن تفشي الوباء.
 
وكما لاحظت الباحثة بالمعهد، فاطمة أبو الاسرار "أدى السلوك المتهور للحوثيين إلى تسريع انتشار الفيروس وتسبب في معاناة لا داعي لها.  وحتى قبل أن تكتمهم على حالات الاصابة بفيروس كوفيد 19، لعب الحوثيون لعبة اللوم، متهمين التحالف بنشر الوباء والولايات المتحدة بتصنيعه".
 

ماهي دوافع سلوك الحوثيين في التعامل مع كوفيد 19؟
 
هناك أربع محركات رئيسية لنهج الحوثيين تجاه الوباء.  أولاً، يخشى الحوثيون من أن الاعتراف بنطاق تفشي الفيروس سيكون له عواقب على ساحة المعركة.  فمن وجهة نظر عسكرية، فإن الكشف عن أرقام حالات كوفيد 19 أو اعتماد حظر التجوال وإجراءات الإغلاق لن يؤدي إلى انشقاقات الأفراد من الجبهات الأمامية فحسب وإنما سيؤدي أيضًا إلى انخفاض كبير في التعبئة العامة والتجنيد، في وقت كان فيه الحوثيون يستعدون للسيطرة على منطقة ردمان، ال عوض في البيضاء، بالإضافة الى سعيهم لتعزيز مواقعهم في الجوف ومأرب ونهم، شرق صنعاء.
 
ثانيًا، تم الاعتراف الرسمي بالأزمة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خلال شهر رمضان المبارك، وهو الوقت الذي يتم فيه تحصيل مدفوعات الزكاة السنوية. حيث وفي محاولة لتعزيز مواردهم المالية، لم يرغب الحوثيون في المخاطرة بإعاقة ذلك؛ وبحسب ما ورد جمعت سلطة الزكاة ما يقدر بنحو 43 مليار ريال يمني في مايو 2020.
 
السبب الثالث هو مقاومة الضغوط الدولية المتزايدة، وذلك في ظل حالة السخط الواسع ازاء تحويل المتمردين الحوثيين وعسكرتهم لمساعدات الإغاثة الواردة واستخدامهم لناقلة النفط «صافر» وهي سفينة مهجورة قبالة سواحل اليمن يمكن أن تغرق أو تنفجر، كورقة مساومة لكسب المزيد من النفوذ.

رابعاً، كانت هناك رغبة واضحة من جانب الحوثيين لتجنب المزيد من الضغوط السياسية المحلية والخارجية تجاه سوء إدارتهم للأمور، ولغاية الآن فشلت جهودهم المتكررة لتحسين سمعتهم الدولية من خلال تلميع سياساتهم.



توصيات نحو استجابة سريعة ومنسقة وموثوقة لفيروس كوفيد19
 
يجب اتخاذ أربع خطوات عاجلة، في ضوء البنية التحتية الصحية السيئة في اليمن، والأزمة الإنسانية المقلقة، وانتشار الوباء بسرعة، ومشهد الصراع المعقد، الذي يتسم بعسكرة الحوثيين للفيروس، والسلوك اللامبالي للمجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة الى هشاشة الحكومة اليمنية.
 
أولاً، يجب على المنظمات الدولية ودول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الضغط على الحوثيين للكشف عن الأرقام الحقيقية لحالات الاصابة بالفيروس.  إذ أنه بدون فهم حجم الوباء، فلا يمكن للمانحين حشد الموارد اللازمة والقيام بعملهم، كما أنه يمكن أن يرتفع عدد الإصابات والوفيات بشكل كبير. وإذا تُرك الوضع دون معالجة، يمكن أن يصل عدد وفيات الفيروس إلى نفس العدد الإجمالي للقتلى في النزاع، أو ربما يتجاوزه.

ثانيًا، نظرًا لتحديات الوصول إلى البيانات وديناميكيات الصراع بين مختلف الجهات الفاعلة ، يجب على وكالات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية  إنشاء آلية تنسيق عاجلة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي والقطاع الخاص والمنظمات الدولية والشركاء المحليين،  والتحالف الذي تقوده السعودية ، حيث يمكنهم من خلاله مشاركة المعلومات بصورة آنية وذلك للتعامل مع كوفيد 19 كمسألة تتعلق بالصحة العامة والمساعدة في حشد الموارد وتنسيق الاستجابة السريعة.
 
ثالثاً، مطالبة المانحين الأجانب بتضمين عاجل للعاملين الصحيين في خطط مساعدتهم وضمان حصولهم على رواتبهم، وذلك لأنهم خط الدفاع الأول ضد الوباء في المستشفيات والمراكز الطبية وخطوط المواجهة وفي المخيمات. علاوة على ذلك، يمكن للقوى الكبرى أن تدعم الحكومة اليمنية الهشة في جمع الإيرادات من خلال ممارسة ضغوط حقيقية على الجهات المسلحة التي تقوم بنهبها وإضعاف قدرتها على دفع الرواتب وتعيق عودة حكومة فاعلة ومسؤولة في عدن.

وأخيرًا، تدل دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف عالمي لإطلاق النار لدعم الاستجابة لكوفيد 19 على أهمية هذا الوباء في مسائل الأمن والسلام.  حيث يمكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استخدام نفوذه من خلال التهديد بفرض عقوبات موجهة ضد الجهات والقادة التي تقوض عملية الاستجابة للوباء.