عندما اشتدَّ «حصار السبعين»، فَرَّ كبار الضباط والوزراء والمسؤولين والمشايخ، وتولَّى عبدالرقيب عبد الوهاب ورفاقه مهمة الدفاع عن صنعاء
قصة سَحْل الشاب الذي قاد «ملحمة» الدفاع عن النظام الجمهوري
< قاد ملحمة الدفاع عن النظام الجمهوري، ثم تم قَتْلِه وسَحْل جُثَّته والتمثيل بها بطريقة بشعة
< سُحِبَت جُثَّتَهُ إلى ميدان التحرير، وتم الرقص والتَّنصِير فرحاً بقتله
< في منزل الفريق العمري، قال له أحدهم: «والله إنك مقتول اليوم»، ثم تمت مهاجمته إلى منزل «الخولاني»
في 28/ يناير/ 1943م، وُلِدَ عبد الرقيب عبد الوهاب، في قرية «ذلقيان» عُزْلَة ذُبْحَانْ، مديرية الشَّمَّايتين. «تلقَّى علومه الأولية في قريته, ثم انتقل إلى مدينة عدن؛ حيث درس فيها الابتدائية والإعدادية، في إحدى مدارس الأحرار اليمنيين». وخلال ذلك، عَمِلَ في أحد المطاعم لتوفير لقمة عيشه. ولمَّا قامت ثورة 26/ سبتمبر/ 1962م، انتقل، وعمره 19 عاماً، إلى مدينة صنعاء، «والتحق بالجيش, وشارك في كثير من معارك الدفاع عن الثورة».
عند قيام الثورة، انتقل كثير من اليمنيين، من محافظات ومناطق عدة، إلى صنعاء وشاركوا في الدفاع عنها، ضد «فلول الملكيِّين». وكان «عبد الرقيب» أحد أولئك الذين صعدوا إلى العاصمة للدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري، وشَكَّلوا ما عُرِف بـ»الحرس الوطني».
عُرِفَ «عبد الرقيب» كشاب متحمس، وشجاع. وعام 1964م، سافر إلى العاصمة المصرية، القاهرة, «والتحق بالكلية الحربية، وتَخَرَّج منها، وحَصَلَ على دورتين عسكريتين في الصاعقة والمظلات, وبعد عودته إلى مدينة صنعاء رُقِّيَ إلى رتبة «ملازم», وتعيَّن قائداً لمدرسة الصاعقة, ثم قائداً لقوات الصاعقة، أبرز تشكيلات الجيش الجمهوري». وعام 1968م، تَعَيَّن رئيسًا لهيئة الأركان العامة, إضافة إلى عمله السابق, ورقّي إلى رتبة «مُقَدَّم».
قاد «عبد الرقيب» ملحمة الدفاع عن صنعاء، وحَال دون سقوطها في أيدي مقاتلي ومرتزقة المَلَكِيِّين/ «الإِمَامِيِّين»، الذين هجموا عليها من جميع الجهات، محاولين دخولها بالقوة، وفرضوا عليها، منذ 27/ نوفمبر/ 1967م، حصاراً خانقاً استمر سبعين يوماً. عندما اشتدَّ الحصار، فَرَّ وزراء ومسؤولي «دولة سبتمبر»، و»مشايخ الصَّفّ الجمهوري»، وكبار قادة الجيش؛ معتقدين أن الثورة ونظامها الجمهوري ساقطة لا محالة، وأن «الإِمَامة» ستعود. لكن صغار الضباط ثبتوا، وتولُّوا، بقيادة عبد الرقيب عبد الوهاب، مهمة الدفاع عن العاصمة. ونجحوا في ذلك، مسنودين بـ»المقاومة الشعبية».
رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، الشيخ علي سيف الخولاني، كان في مصر، ورفض أن يعود إلى صنعاء للمشاركة في الدفاع عنها. يؤكد ذلك اللواء عبد اللطيف ضيف الله، نائب القائد العام للقوات المسلحة للشؤون المالية والإدارية، أثناء «حصار السبعين». في كتابه «حصار صنعاء»، قال اللواء ضيف الله: «إنه ظَلَّ طوال عشرين يوماً، في العاصمة المصرية القاهرة، يُحاول اقناع «الخولاني» بضرورة العودة معه إلى صنعاء للمشاركة في الدفاع عنها، إلَّا أن الرَّجُل رفض ذلك». عن ذلك، قال عمر الجاوي: «عندما بدأ الحصار كان رئيس أركان الجيش في القاهرة، وعندما طلب منه العودة اختار السلامة، وكان هذا العقيد أحد الضباط الكبار الذين أسعدهم الله بالابتعاد عن رائحة البارود والجثث، وكان لا بد لهذا الصنف من القادة الموجودين في الداخل أن يمارسوا نفس الصنف أيضاً من الابتعاد.. ولقد من الله على اليمن بشعب شجاع يقوده جزء من ضباطه الكبار الذين يودون سماع طلقات الرصاص في دور السينما فقط، أما أن يمسّوا بالزناد فهذه أمور تخالف طبائعهم الرقيقة و»الانسانية»..».
بسبب موقف «الخولاني»، وفرار مسؤولي ووزراء «الدولة»، وكبار الضباط ومشايخ «الصَّفّ الجمهوري»، فرض صغار الضباط المنتمين إلى «الفئات الجديدة» تعيين الضابط الشاب عبد الرقيب عبد الوهاب رئيساً للأركان العامة لقوات الجيش. كان حينها في عامه الـ 26، وقُتِلَ بعد أشهر من ذلك.
في الندوة التي أقامتها، عام 2004م، دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة، أكد حمود ناجي سعيد أن قوات الصاعقة، بقيادة «عبد الرقيب»، كانت، خلال الحصار، تتحرك كقوة إنقاذ لإسناد جبهات القتال، أو استعادة أي موقع أو جبل يسقط في أيدي «الملكيِّين»؛ بينها جبل يقع في جنوب العاصمة تمكَّن الأعداء من السيطرة عليه، وإجبار الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، ومن معه من مقاتلي قَبِيلة حَاشِد، على الانسحاب. حينها، تقدَّم «عبد الرقيب» وتمكَّن، مع مجموعة من جنود «الصاعقة»، من استعادة السيطرة على ذلك الجبل، وطرد «الملكيِّين» منه.
وفي كتاب «حصار السبعين»، قال عمر الجاوي: إنه عندما أسقط «الملكيون» جبل عَيْبَان»، الواقع غرب صنعاء، شَنَّت القوات المسلحة، في اليوم نفسه بقيادة «عبد الرقيب»، هجوماً لاستعادة هذا الجبل». يضيف «الجاوي: «في ذلك اليوم، قدمت الفئات في صنعاء جلَّ ما تقدر عليه من أجل الانتصار. فلقد قاتلت القوات المسلحة في التحام بالسلاح الخفيف والمتوسط. وقاد رئيس الأركان نفسه، وبصورة مباشرة، هذا الهجوم.
ولقد رأى الناس عبد الرقيب عبد الوهاب يحمل جهاز اللاسلكي على ظهره للاتصال بكل كوكبة تقاتل لإصدار الأوامر، في الوقت الذي يحتزم فيه بقنابله وذخيرته، ويحمل على كتفه رشاشه».
استطاع مقاتلو ومرتزقة «الإِمَامَة» السيطرة «جبل عَيْبَان»، و»جبل بَرَاش»، و»الجبل الطَّوِيل»، حول صنعاء، والتوغُّل أبعد من ذلك: السيطرة على «قَرية الدجاج» الواقعة قرب مصنع الغزل والنسيج في منطقة «شُعُوب». كما قطعوا طريق صنعاء – الحديدة، «شريان التغذية الرئيسي» للعاصمة. «وكانت أغلبية البوادي والأرياف حول صنعاء لا تؤيد الثورة»، بل وتناصر «الإِمَامَة»، وتُقاتل في صفوفها. وكان الوزراء وكبار الضباط والمسؤولين والمشايخ قد فَرُّوا من العاصمة. وهو الأمر الذي «فرض على طليعة من الضباط الشباب تشكيل قيادة للدفاع عن صنعاء، ومواجهة الحصار». وطلبوا «المدد» من محافظات تعز وإب والحديدة والبيضاء وعدن ولحج والضالع وغيرها. واتجه آلاف من هذه المحافظات تلبية للنداء. وتشكَّلت «المقاومة الشعبية». وكان لكثير من «أبناء مدينة صنعاء القديمة دوراً بارزاً» في الدفاع عن صنعاء، لأنهم «كانوا يخشون أن يعيد التاريخ نفسه ويجدوا مدينتهم عرضة للفيد والنهب»، كما حدث عام 1948م.
«استبسل الثوار الأبطال في الدفاع عن صنعاء، وشهدت منطقة شُعْوب قتالاً مستميتاً بين قوات الصاعقة»، بقيادة عبد الرقيب عبد الوهاب، وقوات الملكيِّين، بقيادة قاسم منصر، «وتمكنت قوات الصاعقة من دحر قاسم منصر وأسلحته المتطورة على حسابات ذلك الزمن»، وتحرير «قرية الدجاج».
الصراع ما بعد انتهاء الحصار
بعد انتهاء الحصار، في 5/ فبراير/ 1968م، وانتصار النظام الجمهوري، عاد «الخولاني» بحثاً عن منصبه! وبعد ذلك، قُتِلَ «عبد الرقيب» في منزله، وباشتراك مباشر منه. كذلك، عاد المشايخ والوزراء، وكبار ضباط الجيش، الذين هربوا إلى قُراهم وإلى القاهرة وبيروت.
لقد عادوا للتآمر على «الفئات الجديدة»، التي كانت منهكة جرى دفاعها عن العاصمة، فيما كان «المشايخ وحلفائهم» الضباط محتفظين بكامل قوتهم. لقد «احتفظت القوى التقليدية، من مؤيدي انقلاب الـ 5/ نوفمبر، بقواها؛ لأنها لم تستنزف لا في حرب السبعين يوماً، ولا السبع الأيام الأخيرة» منها.
حاول الفريق حسن العمري، رئيس الوزراء، والقائد العام للقوات المسلحة، حينها، إزاحة القيادات العسكرية الشابة «التي تولت الدفاع عن صنعاء، وهو ما أدى إلى إشعال فتيل ما سمى بالصراع الجمهوري – الجمهوري». وصدرت قرارات بإعادة تعيين عدد من كبار الضباط، الذين فَرُّوا أثناء الحصار، في مناصب ومواقع عسكرية عليا. وتفجر الصراع بوصول «سفينة الأسلحة»، في 8/ مارس/ 1968م، إلى ميناء الحديدة، قادمة من «الاتحاد السوفيتي» للجيش اليمني.
كان عبد الرقيب عبد الوهاب قد نَزَلَ إلى الحديدة، في 6/ مارس، وكان يريد توزيع شحنة الأسلحة لقوات المدفعية، «بحكم أن فيها مدافع»، ولقوات المشاة وقوات المظلات. «لكنه فوجئ بالعمري» يصل إلى هناك، برفقة علي سيف الخولاني، من أجل إيقاف عملية توزيع الأسلحة على تلك الوحدات العسكرية. كان «الخولاني» يريد أن يتم إعادته إلى موقعه: رئيساً لهيئة الأركان العامة للجيش. وكان «المشايخ وحلفائهم»، ممثلين بـ»العمري»، لا يريدون أن تذهب تلك الأسلحة لقوات الجيش ممثلة بـ»الفئات الجديدة». كانوا يريدون توزيع تلك الأسلحة على قوات موالية لهم، أو يمنعوا، على الأقل، توزيعها لـ»الصاعقة» و»المظلات» و»المدفعية»، و»المشاة»؛ أبرز التشكيلات التي دافعت عن صنعاء.
كان عبد الرقيب عبدالوهاب، في رصيف الميناء، يريد الإشراف «على توزيع الأسلحة، وبجانبه علي مثنى جبران، قائد سلاح المدفعية، وحين وصل الفريق العمري، يتبعه الخولاني، حصلت بينهم مهاترة كلامية فجرها «الخولاني»، حين قال لـ»مثنى جبران»: «يا حَبَشِيِ»..»؛ للتقليل من شأنه، كونه مولود لأب يمني وأُم أثيوبية. وتقول المرويات الشفهية أن «العمري» نَعت «عبد الرقيب» بـ»البُرْغُلِي». بعدها، غادر «العمري» رصيف الميناء، وأمر «بعض القوات العسكرية بضرب مقر المقاومة الشعبية ونقابة العمال» في الحديدة.
تصاعد التوتر بين الجانبين. بقى «عبد الرقيب» في الحديدة، ثم عاد إلى صنعاء، نهاية مارس/ 1968م، و»بعد 15 يوما من عودته، قدَّم استقالته» من رئاسة هيئة الأركان العامة. قوبلت استقالته بالرفض من قبل الحكومة، ورئيس المجلس الجمهوري، القاضي عبد الرحمن الأرياني، ومن الفريق «العمري» نفسه. لكن الأزمة استمرت في التصاعد. و» قام كبار الضباط والمشايخ الذين فَرُّوا من صنعاء أثناء الحصار بـ»تشكيل قوة عسكرية لضرب قوات الجيش وتكوين جيش جديد»، بدعم من «العمري»، الذي أصدر قراراً تضمن إقالة عبد الرقيب عبد الوهاب من منصبه، وتعيين بدلاً عنه ضابطاً هرب أثناء الحصار. كما تم تعيين عدداً من الضباط الذين فَرُّوا أثناء الحصار، في مواقع عسكرية عليا.
«أحداث أغسطس»
ليلة الـ 18/ أغسطس من العام نفسه، تفجرت المواجهات بين الجانبين في صنعاء. وفاحت الطائفية والمناطقية في «أحداث أغسطس»، حين «تحركت قوات الأمن المركزي وقوات من المدرعات لضرب الصاعقة والمظلات، ونشطت الأجهزة الأمنية في اعتقال أبناء تعز».
«واشتد القتال يوم /24/ أغسطس، وتم اعتقال مثنى جبران، قائد سلاح المدفعية»، وعسكريين وجنود آخرين، إضافة إلى كثير من المدنيين المنتمين إلى تعز. رد «عبد الرقيب» ورفاقه بهجوم مضاد، فبدأت الوساطات، «وتعهد العمري بشرفه العسكري» بإطلاق سراح مثنى جبران». وأصدر ضباط وجنود القوات المسلحة بياناً طالبوا فيه «بإقصاء القيادات الجديدة التي صدر القرار الجمهوري بتشكيلها (أصحاب الرُّتَب الكبيرة الذي هربوا من معارك الدفاع عن صنعاء)»، و»إعادة النقيب عبد الرقيب عبدالوهاب، إلى رئاسة الأركان»، و»إعطاء رئاسة الأركان الصلاحيات الكاملة غير مقيدة بأية شروط»، و»محاكمة كل من هرب من المعركة في صنعاء دون النظر إلى أي عذر». وجاء في البيان: «نرفض رفضاً باتاً تجزئة القوات المسلحة فهي كل لا يتجزأ وتابعة للقيادة العامة ورئاسة الأركان».
فخ النفي
مثل ما جرى الالتفاف على ثورة سبتمبر عام 67، جرى الالتفاف عليها عام 68، إذ تم تحويل الصراع على أنه خلاف بين «عبد الرقيب» وكبار الضباط المحسوبين على الطرف الآخر. وانطلاقاً من ذلك، وبدعوى الحرص على إنهاء الصراع، «صدر قرار جمهوري قضى بنفي 22 ضابطاً إلى الجزائر»، بينهم عدداً من ضباط الطرف الآخر. وقد وضع هؤلاء الضباط «كغطاء» لإقصاء «عبد الرقيب» ورفاقه.
وشمل القرار عشرة ضباط من أصحاب الرُّتَب الكبيرة، الذي هربوا من مهمة الدفاع عن صنعاء أثناء الحصار، وهم: العقيد علي سيف الخولاني، العقيد حمود بيدر، المقدم محمد الخاوي، المقدم محمد عبد الخالق، المقدم حسين المسوري، المقدم طاهر الشهاري، المقدم عز الدين المؤذن، المقدم علي الضبعي، المقدم عبد الله الراعي، المقدم الآنسي. كما شمل القرار 12 ضابطاً من أصحاب الرُّتَب الصغيرة الذين دافعوا عن صنعاء، وهم: عبد الرقيب عبد الوهاب، الرائد سلطان القرشي، الرائد حميد العذري، النقيب حمود ناجي سعيد، النقيب محمد محرم، النقيب يحيى الكحلاني، النقيب أحمد الجبري، الرائد علي محمد هاشم، الرائد عبد الرقيب الحربي، الرائد عبد السلام الدميني، الملازم عبد الواسع قاسم، والملازم محمد أحمد سعيد.
رفض «عبد الرقيب» المغادرة، حتى يتم إطلاق سراح المعتقلين المنتمين إلى تعز، لكن القاضي عبد الرحمن الأرياني أقنعه بالسفر. وكان استبعاد «عبد الرقيب» ورفاقه الجمهوريين، مقدمة للتصالح مع الملكيين، وهو ما حدث عام 1970، وبموجبه عاد الملكيين للمشاركة في الحكم، فيما تم نفي وقتل وإقصاء الثوار سواءً الذي فجروا ثورة سبتمبر، أو الذين دافعوا عنها وعن نظامها الجمهوري.
في ديسمبر، سافر الضباط الـ 22 إلى الجزائر، لكن العشرة المحسوبين على «المشايخ وحلفائهم» عادوا إلى صنعاء. عندها اكتشف «عبد الرقيب» ورفاقه الفخ الذي وقعوا فيه.
عودة «عبد الرقيب» إلى صنعاء ومقتله
عاد «عبد الرقيب» إلى عدن، ثم إلى تعز، ثم إلى صنعاء. تقول إحدى المرويات: «أنه تمت دعوته إلى منزل العمري، في أوائل شهر يناير، وفي المقيل قال له أحدهم: «والله إنك مقتول اليوم»، ثم شعر أنه محاط بالخطر، الذي داهمه بعد ذلك سريعاً، واُعتُقِل وأودع في إحدى غرف السجن الحربي، ثم تحركت مجموعة مسلحة» من أجل قصف الغرفة التي سُجِنَ فيها، لكنه تمكن من الفرار، واتخذ طريق السائلة حتى وصل قرب موقع كلية الشرطة ثم دلف منزل علي سيف الخولاني، فطمأنه وأودعه في إحدى غرف منزله، ثم اتصل بالعمري يخبره أن عبد الرقيب موجود عنده، لتتحرك مجموعة أخرى مزودة بالسلاح من أجل قتل عبد الرقيب».
تضيف المروية: «وقد تمكن عبد الرقيب من مقاومتهم لمدة ساعة ونصف أصيب خلالها بقدمه اليسرى ويده اليمنى وحين فرغت ذخيرته تم قتله». وتفيد رواية أخرى إن «عبد الرقيب» وصل مباشرة إلى قمة «جبل عَيْبَان»، حيث كان هناك بعض جنوده (60 فرد) مهمتهم حماية الموقع. وبعد ذلك ذهب إلى منزل «الخولاني» وقُتِلَ هناك.
وتقول رواية ثالثة: إنه بعد أن جرى قتل «عبد الرقيب»، «تم سحب جثته إلى ميدان التحرير والرقص والتنصير والعبث بها حتى أنه حين رآهم قاسم منصر، أحد قادة الملكية، وكان قد انظم إلى الجمهورية، قال لهم: «حمي عليكم تعبثون بجثة بطل حرب شعوب»، وبعدها جاء الشيخ أحمد علي المطري، وقام بكسر جهازه «غِمْد الجنبية» يدعيهم باسم القَبْيَلَةْ بإكرام جثة البطل عبد الرقيب بالدفن، وتم دفنه في مقبرة خزيمة». يوم قُتِلَ، كان عبد الرقيب عبد الوهاب في السادسة والعشرين من العمر.
وتؤكد معلومات متطابقة أن «عبد الرقيب» ذهب، بالفعل، إلى منزل الفريق العمري، وعندما كان هناك، جاء إلى ذات المنزل سالم الهمامي، قائد قوات الصاعقة حينها. وقال حسن الدولة، في مقال نشره، في 20/ مارس الماضي، في صفحته على «فيسبوك»، بعنوان «المناضل «الوحش»، أن «عبد الرقيب» عندما «عَلِمَ بزيارة سالم الهمامي (..) للفريق العمري (..)، فَرَّ من فوق السور وتوجه إلى منزل مهدي عبود، ومنه إلى منزل علي سيف [الخولاني]، بناء على تنسيق بين العمري والعميد حسين الدفعي واللواء علي سيف الخولاني، حيث غُدِرَ به، حيث أرسل سالم الهمامي جنوداً من الصاعقة تولوا تصفيته، بل وسحله بطريقة حقيرة وجبانة، ولم يحرك النظام ساكناً».
وأضاف «الدولة»: «ومن المستغرب ان الوحش [محمد مهيوب الوحش]، بعد أن تم التخلص منه، تم تشييع جثمانه الطاهر في مسيرة جنائزية مهيبة امتدت من ميدان التحرير إلى مقبرة الشهداء اليمنيين في باب اليمن، وأطلقت المدفعية 21 طلقة وداع، بينما النقيب عبد الرقيب، وهو الأهم من حيث الرتبة، والمناصب التي تقلدها، تم سحله والتمثيل بجثمانه بطريقة بشعة، ولم يتم إجراء أي تحقيق من قبل الدولة في القضيتين ولو من باب التضليل الإعلامي».