"بدلا من أن تعلمونا النفير والموت بجبهاتكم امنحونا وطن آمن مستقر، ويكفي إننا يمنيين وكفى"، هكذا كان رد رئيس اتحاد المهمشين اليمنيين بعد إطلاق زعيم ميليشيا الحوثي لقب "أحفاد بلال" لفئة المهمشين بمناطق سيطرتهم، ضمن حملة لتجنيدهم وإجبارهم على القتال في صفوف الجماعة.
وفي منتصف يونيو الماضي في خطاب متلفز أطلق زعيم ميليشيا الحوثي "عبد الملك الحوثي" تسمية "أحفاد بلال" على المهمشين اليمنيين، ودعا إلى دمجهم في المجتمع بهدف استعطافهم بطريقة عنصرية، من خلال فرزهم في تسمية مختلفة عن جميع مقاتليهم.
ويعرف المهمشون بالمواطنين اليمنيين ذوي البشرة السوداء الذين يعيشون حياة بائسة في أحياء صفيح وخيام في عدد من المدن اليمنية، ويعيشون تحت وطأة التميز والتهميش ويعانون من التمييز العنصري، وفي ظل سيطرة الحوثيين زادت معاناتهم أكثر، نتيجة الطبقية السلالية التي تعتمدها الميلشيات في التمييز بين أبناء المجتمع.
عنصرية الحوثية
خلال السنوات الست الماضية سعت ميليشيا الحوثي إلى تكريس العنصرية، وطمس الهوية اليمنية عبر إطلاق أوصاف ومسميات عنصرية ودينية متطرفة، تحمل دلالات تعكس مدى خطورة الميليشيات على المجتمع اليمني وكيف يسعى الحوثيون إلى تفتيت النسيج الاجتماعي والتغرير على المواطنين والزج في أبنائهم في جبهات القتال.
وقال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات المحامي "توفيق الحميدي"، "أن تسمية الحوثيين للمهمشين بـ"أحفاد بلال" هو ديدان ميليشيا الحوثي في استغلال العامل الديني لكسب مشاعر الناس وتحريك عواطفهم ومحاولة إضفاء نوع من الدينية على حروبهم الذي يخوضنها ضد خصومهم في اليمن.
وأضاف الحميدي في حديث لـ"يمن شباب نت" أن تسمية المهمشين بـ أحفاد بلال يكرس أيضا حالة الانقسام والطبقية التي تحاول ميليشيا الحوثي أن تعمقها داخل المجتمع اليمني.
وبعد أيام من إطلاق ميليشيا الحوثي تسميات دخيلة على المجتمع والتي استنكرها اليمنيون باعتبارها تخلق النعرات الطائفية والعرقية بين الموطنين اليمنيين وانتقاص من فئة منهم، وأيضاً محاولة استغلال العاطفة الدينية للتغرير بهم لتحقيق أهداف حوثية.
وقود لمعارك الحوثيين
ورصد "يمن شباب نت" ردود أفعال عبرت عن امتعاضها إزاء عنصرية الميليشيات الحوثية حيث اعتبر البعض أن التسمية الحوثية للمهمشين بـ"أحفاد بلال" عنصرية مقيته ودخيله على اليمنيين الذي ينبذون كافة المسميات العنصرية التي تهدف إلى التفريق بين المجتمع معتبرين أن ذلك جريمة ضد الإنسانية ومخالفة للقانون والدستور اليمني.
وقال وزير الإعلام اليمني "معمر الإرياني" "أن التسمية التي أطلقتها مليشيا الحوثي على أحد فئات المجتمع تنضح بالعنصرية وتحمل دلالات تكرس الفوارق التي ينطلق منها سلوكها وتحريك لرواسب تاريخية مليئة بمعاني الاحتقار والدونية، وكل هذا بغرض التغرير بهؤلاء المواطنين والزج بهم في حروبها العبثية".
وأضاف: الإرياني في تغريدة على حسابه في موقع تويتر "أن حديث قيادات المليشيا عن إدماج مواطنين يمنيين في المجتمع والعناية بهم لغة تحمل انتقاص من مواطنة هذه الشريحة وعدوان عليهم من خلال استغلالهم وقودا لمعارك عبثية والحاقهم بمحارق الموت بعد نفاذ مخزونهم البشري".
من جانبه قال رئيس اتحاد المهمشين نعمان الحذيفي "ليشهد العالم نحن السود اليمنيين ليس لنا علاقة بما أطلقه علينا الحوثيون بأحفاد سيدنا بلال الحبشي، ولا تربطنا به اي علاقة سوا اعترافنا به كصحابي من صحابة رسول الله وان كان ولابد من نسب فنحن سلالة دولة بنو نجاح اليمنية وعاصمتها زبيد اي نحن يمانيون أحرار وكفى".
وأضاف "الحذيفي" - في تغريدة على حسابه في موقع تويتر- "نحن يمنيون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولن تفرق بيننا الالوان ولا الأعراق ولا المذاهب ولا السلالة ولا الجغرافية ولا الدراهم ولا تامر المتآمرين وبائعي الاوطان في أسواق الخساسة والنذالة والعمالة كل ذلك لن يؤثر فينا طالما نحمل هوية واحده اسمها اليمن".
تقاتلون معنا أو نقتلكم
عقب دعوة ميليشيا الحوثي لدمج المهمشين في المجتمع سارعوا إلى تجنيد المئات منهم واجبارهم على القتال في صفوفهم وأظهرت عددا من الصور ومقاطع الفيديو تداولها ناشطون مجموعات كبيرة من المهمشين وهم يستعدون للقتال تحت مسمى "النفير العام"، في حين أجبروا آخرين بالقوة على الالتحاق بصفوفهم.
والسبت الماضي 4 يونيو 2020 أقدم مشرف حوثي على إعدام أربعة من المهمشين رمياً بالرصاص في منطقة الجرفين بمديرية قفلة بمحافظة عمران (شمال اليمن)، بعد رفضهم الذهاب للقتال في صفوف ميليشيا الحوثي، وعقب ذلك قامت نساء القتلى بقتل المشرف الحوثي المدعو "ابو علي الخولاني" وجرح اخرين بعد ان قامت النساء بسلبهم البنادق
وعلق نعمان الحذيفي على الحادثة باعتبارها "خطوه تهدف لترهيب لإجبار المهمشين على القتال بصفوف ميلشيات الحوثي بقوة السلاح"، لافتا أن الحوثيون يمارسون ذلك بشعار "إما تقاتلوا معنا وإلا نقتلكم".
وكانت منظمة سام قد رصدت أحد الحالات لأحد المهمشين من محافظة إب (وسط اليمن) والذي رفض التجنيد مع ميليشيا الحوثي وتم اعتقاله في سجن الصالح بتعز وتم تعذيبه بصورة بشعة وقاسية ثم توفي بعد الإفراج عنه بفترة قصيرة.
مأزق الحوثيين في التجنيد
وبدأت ميليشيا الحوثي الانقلابية حملة لتجنيد مقاتلين من أبناء المهمشين في مناطق متفرقة من أمانة العاصمة صنعاء تحت مسمى دمجهم في المجتمع، وكثفت من إقامة الدورات الثقافية لاستقطاب أبناء المهمشين بالإضافة إلى إغراء أهاليهم بمساعدات غذائية بسيطة واستغلال ظروفهم البائسة التي يعانون منها.
وقال توفيق الحميدي "أن ميليشيا الحوثي تعيش حالة من المأزق العسكري وحالة من التمرد الداخلي من قبل القبائل وظهور وعي لدى الناس من عبثية هذه الحرب وعدم انتهائها"
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" لذلك لجأت الميليشيات إلى فئة المهمشين والذين يبدوا أنهم أصبحوا أكثر وعيا بعبثية الحرب حيث لجأ الحوثيون إلى استعطافهم وتحريك الجوانب الدينية ورفع معنوياتهم للخوض في المعركة.
وتسعى ميليشيا الحوثي إلى استغلال حالة العوز والفقر التي يعيشها المهمشون في اليمن، بعد ان فشلوا في إقناع معظم أبناء القبائل بالتجنيد في صفوفهم، بالإضافة إلى محاولات إجبار المواطنين عبر عقال الحارات في المدن على تجنيد أبنائهم في صفوف الميلشيات.
وحذرت الحكومة الشرعية المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين من الانجرار خلف دعوات الموت التي تطلقها مليشيا الحوثي والحفاظ على ابنائهم من الاستدراج الحوثي الخبيث المغلف بشعارات كاذبة، وطالبت المجتمع الدولي والامم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بموقف حازم من استغلال المليشيا الحوثية الحالة المعيشية المتردية للمواطنين لاستقطابهم وجعلهم وقودا لحروبها العبثية.