ملاك

أفقدتها الحرب زوجها.. قصة بائعة متجولة في اليمن تُعيل أطفال تثير الإعجاب (شاهد)

"تذهب خماصاً وتعود بطاناً".. ليس طائر بل امرأة تحمل بين أذرعها حلم المعيشة بكرامة ولقمة عيش مما تصنعه يدها وتبيعه بطريقتها لإعالة أطفالها، في ظل مكابدة الحياة القاسية التي تركت على سعيرها دون عائل أو قريب.

 

ملاك عبد الكريم، أم لطفلين، بحثت عن عمل لإعالة أطفالها بعد فقدان زوجها بسبب الحرب التي تركت لها معيشة قاسية في زمن لا يرحم.

 

ملاك، وجدت ضالتها في بيع وتصنيع العطور والبخور وروائح أخرى، تذهب لعرضها عند المناسبات في منازل الجيران وعلى المارة في الطرق والشوارع العامة في محافظة مأرب لإعالة نفسها وطفليها الصغيرين.

 

 

نزحت ملاك مع زوجها وأطفالها من محافظة إب (وسط اليمن) بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ خمسة أعوام، وها هي اليوم دون معيلها وفي بلد غريب لا قريب لها فيه ولا معيل.

 

ذهبت ملاك إلى أحد مراكز إقامة الدورات التعليمية لتطوير مهنتها في صناعة البخور والعطور التي تخرجت منها بعد شهر كامل من الدروس والتطبيق وإلى جانبها 25 امرأة أخرى يعشن المعاناة ذاتها، وسبب العمل لإعالة أطفالهن في ظل الحرب.

 

تقول ملاك التي وصفت حياتها بالصعبة والقاسية لـ"الموقع بوست" إنها عملت قبل دخولها دورات البخور وتصنيعها، فكانت تعمل في بيع "لعب الأطفال" لتسد بها رمق أطفالها.

 

 

تضيف أن مشروع تعليمها وزميلاتها على مهنة خفيفة وبسيطة تناسب النساء، فتحت أملا لها في العيش بكرامة ولو لتغطية بعض حاجات البيت الضرورية.

 

فحال "ملاك" ليست إلا واحدة من مئات النساء اللاتي وجدن المصير نفسه في ظل الحرب التي دخلت عامها السادس ووجدن أنفسهن في العراء بلا معيل.

 

تحملت نساء اليمن على ظهورهن وزر الحروب الدائرة في البلد منذ خمسة أعوام التي دفعتهن نحو يتم المعيل وفقدان رب الأسرة لتتحول الأمهات إلى آباء أطفالهن وجالب رزقهم وطاهي طعامهم في أن واحد.

 

ونقلت تلك الحروب المرأة في البلد الفقير من المنزل إلى السوق للبحث عن لقمة عيش كريمة، بعد أن قتلت الحرب كاهل الأسرة وأثقلت عليها حمل العيش بوضع قاسٍ وأيام كالسنين السابقة ثقيلة بهموم وأحزان، يعجز أمامها الرجال فتحدتها النساء وداست بأقدامها متحدية الصعاب مشمرة عن سواعدها نحو التعايش مع الواقع رغم قساوته.

 

 

من جهتهاً، فندة العماري، مدير عام تنمية المرأة التي حضرت حفل تخرج ومعرض بيع منتجات النساء من العطور والبخور، قالت إنه من خلال ما أنتجته النساء فإن المرأة أثبتت أنها شريك أساسي في تنمية المجتمع، وقادرة على تبني نفسها وقادرة على العمل في جوانب مختلفة وبطرق مميزة عن غيرها.

 

وبعد أن أخذت الحرب أزواجهن وآباءهن باتت العطور والبخور وأدوات تجميل وروائح النساء اليوم مهنة الكثير من النساء النازحات في مأرب، أحكمن تصنيعها بنار هادئة بمهارة تماما كمهارتها في طهي الطعام وعلى ذات المطبخ.

 

من جهته، عبد الجبار الطويل، مدير مشروع تحسين سبل العيش، قال إن المتدربات تم اختيارهن من كل أطياف المجتمع بما فيهن المهمشات وكذا النازحات ومن بنات محافظة مأرب.

 

 

وفي حديثه لـ"الموقع بوست" أشار الطويل إلى أن أهمية هذه الدورة نابعة من معاناة الأسر في ظل الحرب في البلاد التي خلفت معناة كبيرة في أوساط النساء مما دفع الكثير منهن للبحث عن سبل للعيش بكرامة.

 

ولفت إلى أن معظم المتدربات هن ممن فقدن معيلهن بسبب الحرب، وأغلبهن يعملن على إعالة أسرهن وأطفالهن اليتامى.

 

"تموت الحرة ولا تأكل من ثدييها"، مقولة عربية قديمة حدثتها نساء اليمن اللاتي وقعن ضمن ضحايا الحرب بعد أن أخذت معيلهن، وما أكثرهن في البلاد المشتعلة بنيران وقودها الرجال والأطفال في جبهات قتال أطراف النزاع التي لا بوادر لإخمادها قريبا.

المصدر: الموقع بوست