ترجمة: أبوبكر الفقيه- يمن شباب نت
سلط تقرير لموقع «Middle East Eye» البريطاني، الضوء على عمليات التجنيد التي يقوم بها أطراف الصراع في الساحل الغربي، ومن ضمنهم قوات "حراس الجمهورية"، التي يقودها طارق صالح، الموالي للإمارات، بالإضافة إلى أطراف أخرى.
ووفقا للتقرير، اعتاد اللاجئون والمهاجرون من القرن الأفريقي على العمل في اليمن، وهم يشقون طريقهم شمالًا إلى الأمان والازدهار النسبي في المملكة العربية السعودية. حيث أن قبولهم ممارسة الاعمال التي لا يريد العديد من اليمنيين القيام بها، جعل السكان المحليين بشكل عام متقبلين لمساعدتهم.
إلا أن هذا الحال وتلك الظروف قد تدهورت بشكل كبير، مع قيود فيروس كورونا والوصمة الاجتماعية التي تركتهم عالقين ومشردين. وقد كانت ردة الفعل بالنسبة للبعض هي العمل مع الفصائل اليمنية المتحاربة.
في مايو / أيار، أعلنت السلطات في العاصمة صنعاء عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا تم تشخيصها لدى لاجئ صومالي.
أدت هذه الأخبار إلى التمييز ضد اللاجئين في البلاد، مما تركهم غير قادرين على التنقل بين المحافظات، مع اعتبار السكان المحليين والسلطات لهم مصدرًا للفيروس.
وهكذا وجد اللاجئون أنفسهم تحت الحصار في مناطق مثل عدن ولحج وتعز، وغالباً ما يفتقرون إلى الطعام أو المأوى للنوم.
وقد شجع وضعهم الخطير الجماعات المسلحة مثل قوات "حراس" الجمهورية" على استغلال وضعهم، وتجنيد العديد منهم للعمل في معسكرات تقع حيث تدور المعارك على الساحل الغربي. والتي يقودها طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهذه المجموعة موالية للإمارات العربية المتحدة، بدلاً من الحكومة اليمنية.
تقاتل قوات طارق صالح ضد مقاتلي الحوثي - في الخطوط الأمامية حاليا في الحديدة - ويعتقد بعض اليمنيين في تعز والجنوب أن بعض اللاجئين تم تجنيدهم للمشاركة في القتال نفسه.
رحلة خطرة
في مطلع الشهر الماضي، وجد خمسة لاجئين إثيوبيين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عامًا أنفسهم داخل منزل قديم في منطقة الشمايتين في تعز، بعد أن وصلوا إلى الساحل في رأس العارة في محافظة لحج قبيل أربعة أيام فقط.
وقال أماري، 19 سنة، وهو أحد الإثيوبيين، لموقع Middle East Eye: "لقد سافرنا مع أحد المهربين على متن قارب صيد وكان ممتلئًا، وألقى بنا في البحر ولم يصل سوى أولئك الذين يمكنهم السباحة لمسافات طويلة إلى اليابسة".
وتابع قائلا "غرق البعض في البحر. لقد كانت رحلة خطيرة حتى وصلنا إلى اليمن".
واستأجر نجيب، وهو أحد القادة العسكريين الذين يقاتلون على الساحل الغربي، والذي جلب اللاجئين من لحج كجزء من خطة لإرسالهم مع آخرين إلى المعسكرات العسكرية، ذلك المنزل في تعز.
ويستخدم المنزل كمنطقة انتظار حيث يتلقى اللاجئون بعض المعلومات الأساسية حول ما يتوقع منهم القيام به.
وقال عماري "لقد فررنا من بلادنا إلى جيبوتي، على أمل دخول المملكة العربية السعودية التي وصل إليها بعض الأصدقاء بالفعل خلال السنوات السابقة".
واضاف بالقول "المملكة العربية السعودية هي حلم جميع اللاجئين، ولكن عندما كنا في جيبوتي اتصلنا ببعض الأصدقاء الذين سافروا قبلنا وقالوا إنه من المستحيل الوصول إلى السعودية لأنهم لا يستطيعون التنقل بحرية في اليمن.
وأردف قائلا "انتهى بهم المطاف في معسكر حيث يعملون جنبا إلى جنب مع اليمنيين".
المخاطر المقبلة
وبدا عماري وزملاؤه اللاجئون غير مدركين لحجم الخطر الذي قد يواجهونه في المعسكرات، لكنهم كانوا سعداء لأن نجيب، القائد العسكري، قال لهم إنه سيدفع لهم بالريال السعودي.
كان اللاجئون متحفظين في الحديث عن كل تفاصيل وضعهم، لكنهم أكدوا أن صديقا في معسكر أعطاهم رقم هاتف محمول لشخص للاتصال به لدى وصولهم إلى رأس العارة.
كان نجيب قد التقى بهم هناك وأحضرهم إلى قرية في تعز. ويقول اللاجئون إنهم غير مستعدين للعودة إلى ديارهم حتى يكسبوا ما يكفي من المال لضمان مستقبلهم في إثيوبيا.
بعد ثلاثة أيام، غادر الشباب الخمسة القرية ووصلت مجموعة جديدة من اللاجئين إلى المنزل القديم.
خطوة إنسانية
ونفى نجيب أنه يجري استخدام اللاجئين للقتال على الخطوط الأمامية، وقالوا إنهم يدعمون المقاتلين هناك فحسب.
وقال نجيب لـ MEE: "هناك سوء فهم بشأن هذه القضية، ويعتقد البعض أن اللاجئين يقاتلون الحوثيين معنا، وهذا غير صحيح".
وأضاف "إن اللاجئين هم عمال فقط في المعسكرات، وهم يساعدون في تنظيف المخيمات وحمل الأسلحة من المخازن وبناء الثكنات وغيرها من الأعمال البدنية".
كما قال نجيب إنهم بدأوا في استخدام اللاجئين كعمال بعد أن وجدوا الكثير منهم جياعا ينامون في العراء.
وقال: "هذه خطوة إنسانية ويمكننا توظيف يمنيين لهذا العمل، لكننا قلنا إنه من الجيد مساعدة اللاجئين الجوعى ولا نريد لهم أن يقعوا في أيدي الحوثيين الذين يستخدمونهم في القتال".
وقد اتهمت بعض وسائل الإعلام العربية الحوثيين بإرسال لاجئين للقتال إلى جانبهم في مناسبات عديدة منذ بداية الحرب، وهو اتهام نفاه الحوثيين.
المعسكرات تعد أهدافا
فقد العديد من اليمنيين وظائفهم منذ بداية الحرب في اليمن عام 2015، عندما تدخل تحالف بقيادة السعودية لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي طرده الحوثيون من صنعاء في عام 2014.
ونتيجة لذلك، انضم البعض إلى القتال الدائر كمرتزقة مدفوعي الأجر، وهم على استعداد للقيام بنفس العمل مثل اللاجئين في المعسكرات.
أحمد غانم، 36 سنة، من سكان تعز، فقد وظيفته في شركة طيران عام 2015 يقول "إذا كان عمل اللاجئين هو التنظيف والبناء فقط، فإن العديد من اليمنيين على استعداد للقيام بذلك، وسوف أكون أول من يقوم بذلك".
وأضاف "أعلم أن القادة العسكريين يفضلون اللاجئين لأنهم يوافقون على أي مبلغ وهذا ما يحدث مع المطاعم والمؤسسات الأخرى".
وفي معظم المطاعم الراقية في اليمن، عادة ما يكون عمال النظافة لاجئين لأنهم يعملون بجد ويوافقون على رواتب منخفضة لا يقبلها اليمنيين.
وقال غانم إن أي شخص يعمل داخل المعسكرات يجب أن يعمل تحت قيادة الجيش، لذلك لن يجري تصنيف اللاجئين كعمال ولكن تتم معاملتهم كمقاتلين.
وقال "المعسكرات هدف للأعداء وأي شخص يعمل داخلها يجب أن يكون مقاتلًا، حتى أولئك الذين يقومون بالطهي والتنظيف والقيام بمهام أخرى".
وتابع قائلا "أعتقد أنه من غير القانوني جلب اللاجئين للعمل في معسكرات، لكنني متأكد من أن الحكومة لا تعرف أي شيء عن هذا لأن المخيمات العسكرية على الساحل الغربي ليست تحت سيطرتها".
التعذيب والاغتصاب والإعدام
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة (IOM) ، تشير التقديرات إلى أن 84،378 لاجئ من شرق إفريقيا وصلوا إلى اليمن في الأشهر الستة الأولى من عام 2019.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الثلاثاء إن القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا قللت من عدد المهاجرين الوافدين إلى اليمن بنسبة 90 في المائة في الأشهر الأخيرة ، بينما تركت عشرات الآلاف من اللاجئين ، معظمهم من الإثيوبيين ، في حالة من النسيان.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، يوجد حالياً 281،000 لاجئ وطالب لجوء يلتمسون اللجوء في اليمن ، وقد فروا بشكل رئيسي من القرن الأفريقي.
وغالبًا ما يواجه اللاجئون الاستغلال ، أحيانًا على يد المسؤولين.
ففي تقرير نُشر في أبريل / نيسان 2018 ، وجدت هيومن رايتس ووتش أن مسؤولين حكوميين يمنيين قاموا بتعذيب واغتصاب وإعدام مهاجرين وطالبي لجوء من القرن الأفريقي في مركز احتجاز في مدينة عدن الساحلية الجنوبية.
في تقرير آخر في أبريل / نيسان 2019 ، قالت هيومن رايتس ووتش: "الإثيوبيون الذين يقومون برحلة خطرة بالقارب عبر البحر الأحمر أو خليج عدن يواجهون الاستغلال والتعذيب في اليمن من قبل شبكة من مجموعات الاتجار.
"كما يواجهون ظروف سجن تعسفية في المملكة العربية السعودية قبل أن يتم ترحيلهم قسراً إلى أديس أبابا".
النقل القسري للاجئين
وقالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الثلاثاء إن 14500 لاجئ على الأقل معظمهم من الإثيوبيين تم اعتقالهم ونقلهم قسرا إلى مدن من بينها عدن ومأرب وسط مخاوف من أنهم قد يساهمون في انتشار فيروس كورونا .
وصرح المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة بول ديلون للصحفيين في جنيف بأنه ربما جرى احتجاز عدد غير معروف من المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في مراكز الاحتجاز التي كانت معايير النظافة فيها سيئة حتى قبل تفشي الفيروس.
وامتنع عن إعطاء تفاصيل بشأن المسؤول عن عمليات النقل تلك.
وتقول الأمم المتحدة إن الفيروس ينتشر دون قيود في بلد يعاني من أنظمة صحية منهارة وقدرات اختبار غير كافية بعد سنوات من الحرب ، وإن العدد الفعلي للحالات أعلى بكثير مما تظهره التقارير الرسمية.
وقال ديلون إنه مع وجود "معظم" المهاجرين ينامون في الخارج "أو في مبانٍ مهجورة غير آمنة" ، فإنهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس كورونا.
وأضاف: "إنهم لا يحصلون إلا على القليل من الخدمات الأساسية مثل الطعام والمياه النظيفة أو الرعاية الصحية ، وهو وضع مثير للقلق بالنظر إلى مدى انتشار الفيروس في اليمن". وقد سجلت اليمن 1516 حالة بينها 429 حالة وفاة بكوفيد 19 في 14 يوليو ، لكن يعتقد أن التقديرات تفوق ذلك كثيرا.