بكلمات من إحدى الأغاني المخصصة للأعراس اليمنية، استقبل منزل العروس ليلى عدداً محدوداً من النسوة في مدينة تعز، بعد أن كانت تحلم، بإقامة حفلة زفاف كبيرة، في إحدي صالات الأعراس، بحضور المئات من النساء.
تقلص الحضور في مناسبة زفاف ليلى، من حفلة جماعية في صالة أعراس تشاركها الفرحة مئات النساء من أقاربها وزميلاتها وصديقاتها، إلى مناسبة خاصة بأسرتها في المنزل.
وتقول ليلي: “كانت تجربة رائعة، بالرغم من أنه كان حلمي إقامة عرس على مستوى، خصوصاً وأنني كنت مخططة لهذه الحفلة، كواحدة من البنات تريد مشاركة كل نساء العائلة والأقارب والصديقات في عرسها”.
لم تكن ليلى على قناعة في نسف كل ما خططت له، من أجل نجاح حفلة زفافها كما تريد، كونها فرحة العمر، وكثيراً ما راودتها فكرة تأجيل العرس، لكن إقامة العريس في العاصمة صنعاء، جعلتها تتقبل إتمام المناسبة في منزلها بمدينة تعز.
وبفعل الحصار المفروض على مدينة تعز، والذي باعد المسافات بين الأسر، وفرض طرقاً وعرة للوصول إلى وسط المدينة، لم يتمكن العريس من الحضور إلى تعز، لاسيما مع إغلاق الحوثيين بعض المنافذ، بسبب كورونا، فعكر الحصار وكورونا صفو مناسبة حياتهما الزوجية.
وتضيف ليلى في حديثها لـ”المشاهد”: “لعدم قدرة زوجي على الحضور إلى تعز، بسبب وعورة الطريق وبعدها، قبلت بحفلة متواضعة في منزلي”.
وتتابع: “أقمنا الحفلة في البيت بأجواء عائلية، وحرصنا على اتخاذ إجراءات للوقاية، كتعليق لافتة أمام باب البيت مكتوب عليها “السلام تحية”. وحرصنا على تعقيم الضيوف، بالإضافة إلى أننا منعنا حضور الأطفال، أما بالنسبة لي فارتديت الكمامة طوال أيام الحفل”.
بينما اضطر محمد، عريس ليلي المقيم في صنعاء، إلي إلغاء مراسيم زفافه بشكل نهائي، على الرغم من استعداده التام، بعد استكماله كل تجهيزات المناسبة، من حجز الصالة للموعد، وكذلك حجز الفنان الغنائي، وتجهيز الدعوة العامة، وغيرها.
واكتفى محمد بأخذ صورة تذكارية “باللباس التقليدي”، وهو لباس خاص يرتديه العرسان في زفافهم.
بعد مرور 7 أيام من مراسيم زفاف ليلي في مدينة تعز، اتفق الطرفان علي أن يكون اللقاء في مدينة إب، كخيار مناسب لهما، خصوصاً مع تباعد المسافات بين المدن لكليهما.
وفي منتصف هذا الأسبوع، أصدرت السلطات في صنعاء، قراراً بفتح صالات الأعراس والمطاعم، بعد أن كانت مقتصرة على تقديم وجبات الطعام السفري. فيما استمرت الإجراءات الاحترازية في مناطق سيطرة الحكومة، ومنها استمرار إغلاق الصالات، دون تحديد موعد لفتحها حتى الآن.
كورونا يخفف من تكاليف مراسيم الزفاف
تحول حلم الزواج لدي الشباب إلي همّ يؤرقهم، لما يحتاجه من تكاليف مالية باهظة، ووقت وجهد وتخطيط، لإقامة مراسيم المناسبة، ناهيك عن الضغوط النفسية لدى بعض العرسان وعائلاتهم، التي قد تكون مرغمة عليها، من باب التقليد والمقارنة.
وعن هذا الجانب، تقول الشابة يسري ردمان: “الناس كانت متكلفة زيادة على اللازم في إقامة العرس، يصرفون ببذخ في الأعراس، فقط من باب التقليد الأعمى، أو عشان حسد العروسة بنت فلان وفلان، جاء كورونا خفف شوية من ضغط التباهي، ولاحظنا الكثير من بنات الأسر الغنية ورجال الأعمال، اقتنعت بزواج بلا احتفال أو بالكثير حفلة صغيرة”.
ورغم أن الكثير من الشبان والشابات منهم من اضطر لإلغاء مراسيم العرس، ومنهم من أجّل المناسبة، لكن يسرى تقول: “لو كنت أنا مقبلة علي الزواج، كنت سأحاول تقديم موعده إلى هذه الفترة الحالية، لأنه قد جاءت فكة من مكة، نتخلص من الجهد الكبير، والتجهيزات المطلوبة المكلفة جداً، وحررت ناس كثير من تقليد الآخرين، لأنه في نهاية الحفلة الكبيرة والخسارة الفادحة لك بالعريس، وهذا ما يهم”.
ولا يختلف المشهد عن باقي المحافظات اليمنية، فجميعها تعيش معاناة واحدة، نتيجة تفشي وباء كورونا المستجد.
وألغي هذا الوباء فرحة وانتظار الكثير لفصل الصيف، باعتباره موسماً مناسباً لإقامة مناسبات الأعراس والزفاف، وحضور الضيوف لمشاركة الفرحة، كونه موسم الإجازات للمدارس والجامعات، وبالإضافة إلى أجواء الطقس المناسبة.
شهر عسل تحت الحجر الصحي
لم يكتفِ الوباء بتقليص عادات ومراسيم الزفاف، بل حرم أيضاً العرسان من قضاء فترة شهر العسل والسفر.
فقد كان الكثير منهم ممن لديه استطاعة، يقضي شهر العسل خارج منطقته، كالسفر إلي مدينة ساحلية، أو إلي محافظة أخري، وبعضهم أحياناً إلى بلد آخر.
وتقول ليلي: “كان يفترض أن يكون شهر العسل خارج اليمن، في مصر، ولكن أصبح في بعدان بمحافظة إب، وهي مسقط رأس زوجي، لكنها أيام جميلة”.
وتضيف: “من المستحيل أني كنت سأقبل بشهر عسل بسيط قبل وجود الوباء، ولكن بعدما أنهيت مراسيم الحفل، عشت فيها أجمل اللحظات، ولست نادمة على تقديم الزفاف أبداً، أو فتح الصالات حالياً”.
تأثير سلبي على مالكي الصالات
وتسبب وباء كورونا المتفشي، بأزمة اقتصادية في البلد بمختلف المجالات، ونتيجة إغلاق صالات الأعراس من قبل السلطات الحاكمة كإجراء احترازي لمنع تفشي الفيروس، انعكس الأمر سلباً على مالكي الصالات والعاملين فيها.
وأوضحت هبة الجرادي، وهي منسقة أعراس، أن “العمل من بداية كورونا توقف، بعكس كل عام، البعض أجلوا أعراسهم، والبعض ألغوا الحجز بسبب إغلاق الصالات، وهذا الشيء سبب لنا خسارة كبيرة، لأن كل شيء مرتبط بالصالات، من كوشات وفرقة ودعوات ووجبات، وأصبحت الأشياء التي عليها طلب كبير في هذه الفترة، الكمامات والمعقمات، بسبب كورونا”.
وبينما تبدأ حجوزات الصيف بشكل مبكر، أشارت الجرادي إلي أن البعض ممن اكتفي بعمل زفاف بسيط، وتم إلغاء حجوزاتهم، أرجعت إليهم المبالغ المالية، “وقد حرصنا على عدم رفع الأسعار، ليكون هناك ربح ولو بسيط، بالرغم من ارتفاع الدولار وانهيار الوضع الاقتصادي”.
ومع استمرار تسجيل حالات إصابات جديدة بفيروس كورونا في المحافظات التابعة للحكومة، وعودة السلطات إلى اتخاذ بعض إجراءات الحظر، في مناطق محافظة حضرموت ومدينة مأرب، لا يبدو أن أزمة كورونا على وشك الانتهاء.
المصدر: المشاهد