تواصل الأوضاع في مدينة التربة جنوب تعز اضطراما في ظل مساعٍ حثيثة للإمارات للسيطرة على المنطقة الأكثر اتساعا واكتظاظا بالسكان في المحافظة.
وقالت مصادر محلية إن تعزيزات كبيرة لمجاميع مسلحة بقيادة عادل الحمادي وصلت إلى التربة، عقب يومين من اشتباكات مسلحة بالقرب من منزل قائد عسكري والمستشفى الأكبر في المدينة.
وكان متمردون من اللواء 35 مدرع وكتائب قوات طارق صالح قد نظموا -برعاية إماراتية- مسيرات لرفض قرار الرئيس اليمني بتعيين قائد للواء 35 خلفا الشهيد عدنان الحمادي.
ويسعى حلفاء الإمارات لإضفاء شرعية لتحركهم العسكري المزمع للسيطرة على المدينة الإستراتيجية كقرار لا عودة عنه، لكن تحت يافطة شعبية استغلالا لدم الشهيد الحمادي.
سيناريو مرسوم
لم تكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها التربة هي السبب خلف التوتر الحاصل، بيد أن هذا السيناريو مرسوم مسبقا، ضمن خطط الإمارات لتقسيم اليمن، والتي بدت منذ الوهلة الأولى، وها هي تنضج وتكتمل في سقطرى وجنوب البلاد.
وكان دبلوماسي يمني قد حذر من استخدام "الذرائع الشريرة" لتقسيم البلاد، وهذا السيناريو بدأ بإعاقة قوى خارجية، يقصد بها الإمارات، تحرير العاصمة صنعاء من الحوثيين.
وأضاف سفير اليمن لدى الأردن: "هناك من يقول: ما دام الحوثي مسيطر على صنعاء، فالانفصال هو الحل"، و"الحقيقة أن هناك من رتّب وسهّل ودعم الحوثي كي يستولي على صنعاء، وأعاق تحريرها من بعد بهدف تقسيم اليمن".
فقد بدأ حلفاء الإمارات بعدن وأبين وسقطرى، وعينهم الآن على تعز، عقب الفشل في السيطرة على شبوة، وفي ظل المساعي الحثيثة للظفر بحضرموت ولحج التي يسيرون فيها احتجاجات، متوعدين بإخضاعها لإدارتهم الذاتية قريبا، وفقا لبن بريك.
انتقام مؤجل
لم تنس الإمارات يوما مدينة تعز التي لطالما أوجعتها، ورفضت لوحدها مشروع الإمارات منذ الوهلة الأولى لدخولها اليمن عبثا تحت يافطة مكافحة الحوثيين وإعادة الشرعية.
لقد بدأت عبر حلفائها بغرس قوات طارق صالح، الذي لا يدين للشرعية، بغرسه في خاصرة المدينة الأكثر سكانا في اليمن، والتي شكلت النواة الأولى لمكافحة الانقلاب الحوثي.
وبدأت إرهاصات وهواجس السيطرة على التربة منذ دخول مليشيات أبي العباس، وبدء دخول جنود يتبعون طارق صالح المدينة مع عائلاتهم للاستيطان وإحداث التغيير الديموغرافي على طريقة الحوثيين.
في حال سيطرت القوات الموالية للإمارات على المدينة، فإنها ستطبق الخناق على مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون من ثلاثة اتجاهات، والتربة منفذها الجنوبي، وبالتالي إخضاع المدينة الثائرة التي ترفض احتلال البلاد وتقسيمها، وتصرح علانية بذلك.
فلطالما دبرت الشقيقة الإماراتية الدسائس للسيطرة على تعز عبر كتائب أبي العباس المتمردة، والآن باءت بالفشل بعد عدة محاولات أفضت في النهاية إلى لفظها خارج المدينة، لتبدأ فصلا جديدا من المكائد مع مليشيات "طارق" هذه المرة.
تثبيت وعزل ميناء المخا
ولأن لعاب الإمارات يسيل على الموانئ بالدرجة الأولى، فقد تمكنت من إحكام قبضتها على ميناء المخا الإستراتيجي التابع لتعز، وطرد سكان المنطقة ليعيشوا نازحين تحت رحمة المساعدات وقذائف حقد الحوثيين اليومية.
لطالما فرح أبناء تعز بتحرير المخا، وظنوا أن لديهم منفذا على البحر والعالم لاستيراد البضائع وتخفيف وطأة الحصار الجائر الذي يفرضه الحوثيون منذ سنوات.
لكن ذلك التحرير لم يكن سوى تبادل أدوار بين محتل راحل ومستأجر جديد، بهدف مشترك وإن لم يكن معلنا، فهو على الأقل معطل ولا يستطيع أبناء المدينة الاستفادة منه، والتنعم بخيراته.
إن سعي حلفاء الإمارات للسيطرة على التربة يصب في خانة تثبيت السيطرة على الميناء، وتثبيت القبضة عبر الاستيلاء على الحديقة الخلفية الأكبر له، والتي تمثل عمق الساحل الغربي.
فضلا عن سيطرة الهواجس من مساع ربما تسعى قوات الحكومة للانقضاض، وهذه المخاوف ليست دقيقة إذا عجز الجيش التابع لهادي عن استكمال تحرير المدينة من الحوثيين، في ظل عدم رغبة التحالف، بل ورفضه الحديث عن التحرير، فكيف يستقيم أن تتجه هذه القوات لمجابهة طارق ومن خلفه الإمارات بالعتاد والعدة.