هكذا كان اليمن

"هكذا كان اليمن".. منصة شبابية تدعم الجمال في وجه الحرب

"حرب وموت ودمار" كلمات أصبحت مرتبطة باسم اليمن، البلد العربي الموصوف سابقا بـ"السعيد"، قبل أن يحوله الصراع إلى ساحة لتدخلات خارجية، لم تعد على مواطنيه إلا بالأوجاع والمآسي.

 

ولإعادة صورته الأولى، وتعريف أهله قبل غيرهم بماضيه العريق، وحضارته الضاربة في عمق التاريخ، أطلق شبان يمنيون منصة إعلامية عبر شبكة الإنترنت سموها "هكذا كان اليمن"، بطاقم مكون من 15 شخصا يقيمون في أماكن عدة.

 

ويشهد اليمن منذ نحو ست سنوات، حربا عنيفة أدت إلى إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حيث بات 80 بالمئة من السكان بحاجة إلى مساعدات، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.

 

ويزيد من تعقيدات النزاع امتداداته الإقليمية، فمنذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء.

 

الحرب أثرت بشكل كبير على واقع الثقافة والفن، حيث أغلقت العديد من المؤسسات الثقافية والفنية والتراثية، فيما طالت تبعات الصراع مؤسسات أخرى ما زالت تقاوم للبقاء رغم الكثير من المعوقات في ظل النزاع.

 

"صورة خاطئة"

 

يقول رئيس المنصة أحمد الهجري، إن الفرق العاملة فيها موزعة بين اليمن وماليزيا وهولندا والإمارات وقطر ومصر، ومقسمة إلى عدة أقسام، أبرزها فرق المصادر، والكتابة، والترجمة، والمونتاج، والتصميم، إضافة إلى الرسم.

 

ويشير الهجري، للأناضول، إلى أن الهدف الأساسي من المنصة يتمثل في إيصال رسالة إيجابية ولو بسيطة، إلى مجتمع أكبر من الناس باختلاف أفكارهم وتوجهاتهم.

 

ويضيف: "الناس في فترة الحرب تحتاج إلى أي رسالة أو بصيص أمل للتمسك به، وماضي اليمن كان في طياته الكثير من القصص الملهمة، فتاريخنا وموروثنا غني جدا، والناس بحاجة إلى شيء يخاطبها ويلامسها".

 

ويتابع الهجري: "تسود صورة نمطية خاطئة عن اليمن بسبب ظروف الحرب، إذ أن معظم محركات البحث عبر شبكة الإنترنت تتضافر لتشكل صورة سلبية عن البلاد، كذلك الحال في المجالس الاجتماعية".

 

ويوضح أن "الهدف من المنصة ليس المكوث في الماضي، بل الاستبصار به ليعيننا على بناء الحاضر للارتقاء من أجل المستقبل".

 

وتهدف المنصة للوصول إلى أوسع نطاق ممكن من الجمهور، باعتماد اللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى نشر ثقافة الفن والاطلاع على الموروث الشعبي القديم، بحسب الهجري.

 

إلكترونية وميدانية

 

وعن الأنشطة التي تقوم بها المنصة، يقول الهجري: "نعمل على جانبين، أحدهما النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر إنتاج قصص بأسلوب بسيط، إضافة إلى صنع الأفلام، والمقالات المتخصصة".

 

أما الجانب الآخر، وفق الهجري، فـ"يتمثل بالعمل الميداني كالمعارض الفنية والثقافية التي تحكي عن جمال وموروث اليمن، وغيرها من الجماليات التي لا يعرفها الكثيرون".

 

ويلفت إلى أنهم خلال الفترة الماضي، نفذوا عددا من الأنشطة، بينها التوعية بمخاطر فيروس كورونا بأسلوب مميز، إضافة إلى إنتاج قصص تحكي عن اليمن وفنه وتراثه وجماله.

 

وبخصوص خطط المنصة المستقبلية، يبيّن الهجري أنها تتمثل في "إقامة أرشيف يكون بمثابة مرجع لكل القصص التاريخية، وجمعها في مكان واحد، إضافة إلى إنتاج مجموعة من الكتب المهتمة بالتاريخ والفن اليمني القديم".

 

البحث عن دعم

 

ويعرب الهجري عن أمله الحصول على دعم خلال الفترة المقبلة، ليساعد المنصة على الاستمرارية، وتنفيذ أفكار عدة.

 

وفي ما يتعلق بمدى انتشار المنصة، يحكي الهجري بأن "هناك نسبة تفاعل كبيرة جدا من المتابعين، فأغلب القصص تكون لها نتائج جميلة نلمسها من الجمهور ومدى تفاعلهم الإيجابي معها".

 

ويبدي الهجري سعادته بأن المتابع بدأ يعرف أهمية الفن والموروث الثقافي لليمن، ما ظهر في كثير من الرسائل التي وصلت المنصة من جمهور أجنبي تضمنت الإعجاب والإشادة باليمن.

 

ويوجه الهجري رسالة إلى اليمنيين، مفادها: "في بلادنا الكثير من الأمور الجميلة والصفات التي تميزنا عن غيرنا، لدينا من الشعراء والفنانين والشخصيات التي أحدثت تغييرا إيجابيا كبيرا، والحرب ضيف ثقيل علينا أفسد هذه الصورة".

 

ويختم حديثه بالقول: "موروثنا وتراثنا وحضارتنا تحتاج إلى توثيق بصري وكتابي كبير، ونحتاج إلى إنعاشه في الواقع وليس فقط المفاخرة به، نستطيع جميعا أن نخلق طرقا جديدة لتقديمه واستخدامه وعرضه للعالم بالشكل المطلوب".