قوات العمالقة

قنبلة موقوتة لم تنفجر بعد في اليمن: من يسيطر على ألوية العمالقة التي تقاتل في الساحل الغربي؟ (تقرير خاص)

اندلعت المعارك من جديد في الساحل الغربي لليمن بمجرد أن أنفضت مشاورات السلام التي كان مقرراً عقدها في جنيف في 6 سبتمبر الفائت برعاية المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة مارتن غريفيث إلى اليمن، بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله).

قال مارتن غريفيث في 11 سبتمبر 2018، في معرض تقديم إحاطته لمجلس الأمن الدولي، إنه "رغم غياب أحد الطرفين عن مشاورات جنيف تمكنا من إطلاق العملية السياسية"، معرباً عن إحباطه لـ"عدم قدرة إحضار وفد صنعاء إلى جنيف".

وأعلن غريفيث أنه سيواصل مناقشاته ويدشّن اجتماعات مع الحوثيين في صنعاء ومسقط. وأكد إن "العملية السياسية اليمنية ستشهد تحديات ومعوقات لكن يجب التغلب عليها"، مطالباً من مجلس الأمن دعمه لإعادة استئناف مشاورات السلام اليمنية.

وفي حين اعتبر غريفيث أنه "يجب أن لا نتورط في عمليات عسكرية جديدة في اليمن"، اندلعت معارك طاحنة في الحديدة هي الأعنف حتى الآن.

وقالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية إن المملكة العربية السعودية ردّت على انهيار محادثات السلام اليمنية، برعاية الأمم المتحدة، من خلال "إعادة إطلاق هجومها من أجل الإطباق على ميناء اليمن الحيوي في مدينة الالعلاج.

وذكرت "ذا غارديان" أن "موظفي الأمم المتحدة المحليين في اليمن أبلغوا عن وقوع موجة قصف جوي هي الأعنف من أي موجة أخرى منذ بدء الحملة العسكرية على المنطقة الواقعة على البحر الأحمر مطلع يونيو الفائت، حيث أنها لم تقتصر فقط على شن غارات جوية وقصف مدفعي، بل شملت أيضاً إجراء عمليات قصف من قبل السفن الحربية قبالة السواحل اليمنية".

ونقلت الصحيفة عن موظفين إغاثيين قولهم إن "طيران التحالف السعودي- الإماراتي يسجل حضوراً شبه متواصل في أجواء الحديدة منذ ليل الجمعة الماضي".

يتركز القتال عند الحد الجنوبي لمدينة الحديدة الاستراتيجية غربي اليمن. ويتمثل هدف التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بـ"قطع طريق الإمداد الرئيسي الواصل بين الحديدة والعاصمة صنعاء".

بوابة قوس النصر في الحديدة قبل العمليات العسكرية وخلالها
بوابة قوس النصر في الحديدة قبل العمليات العسكرية وخلالها

تقول "ذا غارديان" إن "التحالف كان قد أُجبر في السابق على أن يعود أدراجه، من الناحية السياسية، إثر تنفيذه ثلاث غارات جوية منفصلة في أغسطس الفائت، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 من المدنيين" اليمنيين". وتضيف: "مع ذلك، يبدو أن كلاً من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، توصلتا إلى خلاصة مفادها أن المسار الديبلوماسي قد استُنفد".

يعتمد التحالف العربي في قتاله في الساحل الغربي لليمن المطل على البحر الأحمر وتحديداً في الحديدة التي تبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 226 كيلو متراً، على خليط من القوات اليمنية غير المتجانسة الأهداف والتوجهات، إلى جانب قواته المشتركة، ويحاول كل طرف في هذا الخليط ادعاء امتلاكه لزمام أمور القتال. ويتم التركيز على ألوية العمالقة كأبرز قوة في جبهة القتال.

تقاتل ألوية العمالقة تحت اسم "المقاومة اليمنية" التي كوّنتها قوات التحالف العربي وتضم في صفوفها السلفيين الذين يقاتلون دعماً للشرعية اليمنية ممثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ومجموعات أخرى لا تعترف بهذه الشرعية وأخرى تدعو إلى انفصال اليمن الجنوبي عن شماله.

وفق صحيفة لندنية، فإن الامارات، الشريك الرئيس في التحالف العسكري، كانت "جمعت في بداية 2018م ثلاث قوى غير متجانسة ضمن قوة واحدة تحت مسمى (المقاومة اليمنية) من أجل شن العملية في الساحل الغربي باتجاه مدينة الحديدة".

أكدت صحيفة (العرب) اللندنية أن "هذه القوة تضم (ألوية العمالقة) وهي وحدة من النخبة في الجيش اليمني أعادت الامارات تأهيلها وكانت في مقدم الهجوم، يدعمها آلاف المقاتلين من اليمن الجنوبي".

وأضافت أن "القوة الثانية الرئيسية هي (المقاومة الوطنية) وتتألف من موالين للرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي قتل على يد حلفائه الحوثيين في ديسمبر الماضي، ويقود هذه القوة طارق صالح نجل شقيق الرئيس الراحل، أما القوة الثالثة فهي (مقاومة تهامة) وتحمل اسم المنطقة الساحلية للبحر الأحمر وتتألف من مقاتلين محليين من المنطقة يوالون الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المقيم في الرياض"، في إشارة واضحة إلى أن القوات الأخرى المذكورة سلفاً لا توالي الرئيس هادي.

بالنسبة إلى ألوية العمالقة فقادتها سلفيون، وكانوا قوة رئيسة في المقاومة الجنوبية التي قاتلت في عدن في الحرب التي اندلعت في المدينة أواخر مارس 2015.

فرض السلفيون أنفسهم في جبهات القتال من خلال تمكنهم من إحكام قبضتهم على ألوية العمالقة؛ فالقائد العام لجبهة الساحل الغربي هو أبوزرعة المحرمي اليافعي، فيما يتولى رائد الحبهي قيادة اللواء الأول عمالقة، ويتولى حمدي شكري الصبيحي قيادة اللواء الثاني عمالقة، وعبدالرحمن اللحجي قيادة اللواء الثالث عمالقة، ونزار الوجيه اليافعي قيادة اللواء الرابع عمالقة، وأبو هارون العامري اليافعي قيادة اللواء الخامس عمالقة.

فرض السلفيون أنفسهم في جبهات القتال من خلال تمكنهم من إحكام قبضتهم على ألوية العمالقة
فرض السلفيون أنفسهم في جبهات القتال من خلال تمكنهم من إحكام قبضتهم على ألوية العمالقة

لكن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، ويعيش معظم قادته في أبوظبي، يزعم أن قواته هي من تقاتل في جبهة الساحل الغربي. وكان رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي قال في قناة أبوظبي الإماراتية إنه ما لم يتم اشراكهم في مشاورات جنيف فإنهم سيتوجهون إلى الحديدة.

يتساءل الناشط عصام فقيره من عدن: "أي قوة خاضعة للمجلس الانتقالي تقاتل في الساحل الغربي..؟ أو يُراد إقناع الجميع أن ألوية العمالقة كسلفين هي قوات الانتقالي.. وهي بذات الوقت القنبلة الموقوتة في وجه الجنوب قادم الأيام".

صباح أمس الأربعاء 12 سبتمبر كتب نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "أنا لست قائد العمالقة، فالألوية لها قياداتها الميدانية الأبطال في الميدان ولها قياداتها في العمليات مننا نحن الجنوبيين ومنهم التحالف العربي وفيهم البطل أبوزرعة المحرمي وهاني بن بريك دون فخر شرّفه الله أن يكون مقام والدهم جميعاً. وقل للروافض والإخونج ومن في نفسه مرض: (موتوا بغيظكم)".

تغريدة بن بريك في تويتر
تغريدة بن بريك في تويتر

ومساء نفس اليوم الأربعاء 12 سبتمبر، نشرت وكالة (سبأ) التابعة للحكومة اليمنية وتبث أخبارها من الرياض، أن رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد بن دغر أشاد بـ"الانتصارات العسكرية النوعية التي حققها الجيش الوطني ممثلاً بألوية العمالقة والمقاومة الوطنية بإسناد مباشر من قوات التحالف العربي في هزيمة الميليشيا الانقلابية المدعومة ايرانياً في الساحل الغربي وإحراز تقدم ميداني صوب محافظة الحديدة".

أكدت (سبأ) أن رئيس الوزراء أحمد بن دغر أجرى اتصالاً هاتفياً بـ"قائد العمليات لألوية العمالقة في الساحل الغربي العميد ابو زرعة المحرمي، للاطلاع على مستجدات الانتصارات الميدانية العسكرية للجيش الوطني والمقاومة الوطنية في جبهة الساحل الغربي".

بعد ذلك بساعات، نشرت (سبأ) برقية مفادها أن "قائد عمليات الساحل الغربي العميد عبدالرحمن المحرمي أبو زرعة أطلع فخامة الرئيس المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بمستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية في جبهة الساحل الغربي"، وفي البرقية: "هنأ قائد عمليات الساحل الغربي فخامة رئيس الجمهورية بالانتصارات والملاحم البطولية التي يسطرها الأبطال من ألوية العمالقة والوحدات المساندة لها والمقاومة التهامية بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة فاعلة من دولة الامارات العربية المتحدة في الساحل الغربي ودحر المليشيا الحوثية الانقلابية".

وأشار أبو زرعة المحرمي ـ الذي هو أحد أبناء السلفي هاني بن بريك وفق زعم نص ما كتبه في تويتر ـ إلى أن "انتصار الساحل الغربي الذي تحقق وتحرير خط صنعاء- الحديدة وقطع كيلو١٦ ومواصلة استكمال عملية التحرير تأتي وفق الخطة المرسومة من قبل القيادة السياسية الرامية الى إنقاذ سكان مدينة الحديدة من شرور المليشيا وتقديم لهم المساعدات الاغاثية والانسانية وكسر الحصار المفروض عليهم".

وأكد المحرمي: "نبشّر الجميع بتوالي الانتصارات التي يتطلع إليها شعبنا اليمني قاطبة التواق الى الأمن والاستقرار والسلام والازدهار والبناء".. وأتعهد بـ"تحرير واستعادة الوطن كامل وعودته إلى واقعه الطبيعي وتحت قيادته الشرعية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة".

تحذّر "ذا غارديان" من أن "الهجوم المتجدد على مدينة الحديدة، ينذر بقطع الإمدادات الإغاثية الواردة إلى اليمن"، كما أنه "يفرض ضغوطاً على الغرب، حتى يقرر ما إذا كان سيظل مواظباً على الاستثمار في عقد محادثات السلام، أو على تقديم الدعم الضمني لعودة المملكة العربية السعودية إلى انتهاج الأساليب العسكرية".

لكن كريسبن بلانت، وهو عضو مجلس العموم البريطاني، قال لصحيفة "ذا غارديان"، إن السيطرة على ميناء الحديدة مثلت "القاعدة الأساسية في هذا النزاع الدائر في اليمن"، مشيراً إلى كون الميناء "خط إمداد رئيسي للحوثيين".

بلانت أكد أنه "إذا ما تم تأمين الحديدة، ووقوعها في يد التحالف، فإن النزاع سوف يسلك طريقه نحو الحل"، مضيفاً أن "مساعدة التحالف على تحقيق هذا الهدف، يندرج ضمن مسؤوليتنا" في إشارة إلى حكومة لندن.

لكن لا أحد يشير إلى قنبلة ألوية العمالقة الموقوتة والتي لم تنفجر بعد في جنوب اليمن الذي يشهد منذ نحو أسبوعين احتجاجات ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد وانهيار العملة الوطنية على نحو غير مسبوق واستمرار بقاء الحكومة المعترف بها دولياً في الرياض، وكذلك استمرار بقاء الرئيس هادي في الولايات المتحدة الأمريكية بداعي العلاج.