"طيران اليمنية" أسعار مرتفعة وسمسرة بالحجوزات

تعز – فخر العزب:
اضطر ماهر الشعبي للسفر من تعز إلى عدن، وتحمل تكاليف إضافية، من أجل قطع تذاكر سفر من مكتب طيران اليمنية في العاصمة عدن، استعداداً لسفره خارج البلاد كمرافق لأحد أقاربه المرضى، وذلك بسبب عدم وجود فرع لشركة طيران اليمنية في محافظة تعز، والتي تعد أكبر المحافظات اليمنية سكاناً، وإليها ينتمي أكثر المسافرين إلى خارج اليمن من مرضى وطلاب ومغتربين. يقول الشعبي، في حديثه لــ”المشاهد”، إن عدم وجود فرع لطيران اليمنية في تعز اضطره للسفر إلى عدن من أجل قطع التذاكر من المقر الرئيسي للشركة، وتحمل بسبب ذلك أعباء إضافية تتمثل بتكاليف سفره إلى عدن والإقامة في الفندق ومصروفات المعيشة خلال الفترة التي قضاها للحصول على التذاكر، حيث وصلت خسارته للذهاب إلى مكتب الطيران في عدن ما يقارب 60 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 600 ريال يمني)، ولتكلفه تذكرة الطيران إلى القاهرة حوالي 250 ألف ريال. ويضيف: “السفر بات أمراً معقداً نتيجة الارتفاع الجنوني في أسعار شركة طيران اليمنية، واستغلالها لعدم وجود شركات منافسة في فرض الأسعار المضاعفة عن الأسعار الطبيعية بأكثر من 100%، بالإضافة إلى قلة الرحلات وكثرة المسافرين، ما يجعلك تنتظر لما يقارب الشهر كي تحصل على حجز، كما أن هناك انعداماً للخدمات المتعارف عليها في شركات الطيران حول العالم، وخاصة ما يتعلق بإجراءات السلامة، كما أن هناك تلاعباً بالمواعيد وتدخلات من قبل موظفي الشركة الذين يتعاملون وفقاً لمبدأ الوساطة، ويقومون بتقديم الحجز لمن يدفع لهم عمولات شخصية ورشاوى، وهذا يجعل المسافر ضحية لفساد هذه الشركة”.

مكاتب مغلقة

ولشركة طيران اليمنية 4 مكاتب في صنعاء و3 في عدن ومكتبان في المكلا ومكتب في كل من سيئون وسقطرى وإب والحديدة، غير أن مكتب الحديدة أغلق مؤخراً بسبب شدة المعارك العسكرية التي تشهدها المحافظة، فيما لا يزال مكتب تعز مغلقاً حتى الآن. نصر القباطي، مدير مكتب طيران اليمنية فرع تعز، قال لــ”المشاهد” إن عدم فتح المكتب في تعز يعود إلى عدة أسباب، وفي مقدمتها الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمكتب نتيجة الحرب التي دارت في محيطه، حيث دمر ونهب بشكل كامل بجميع أدواره الأربعة مع البدروم، وقد قمنا بمطالبة الإدارة العليا ممثلة برئيس مجلس الإدارة، بعمل الصيانة ولو لدور واحد فقط، وقد لمسنا تجاوباً كبيراً منهم، ولكن ما يزالون متخوفين من عدم استقرار الوضع في المحافظة، حيث ما زالت المواجهات مستمرة في الجهة الشرقية المحاذية لموقع المكتب، والتي تبعد أقل من كيلومتر واحد.

كما تمت مخاطبة محافظ المحافظة بضرورة عمل صيانة للمكتب أسوة ببقية المؤسسات والجهات الحكومية التي تمت إعادة صيانتها وإعمارها من أجل خدمة المواطنين وتخفيف الأعباء التي يواجهونها عند السفر، ولكن للأسف إلى الآن لم نجد أي تجاوب يذكر من قبلهم، ونحن في متابعة مستمرة مع كل الجهات من أجل فتح المكتب، وعما قريب إن شاء الله نعاود النشاط ونخدم هذه المحافظة التي عانت كثيراً من هذه الحرب”.

 

وعن الصعوبة في فتح مكتب مؤقت في مناطق بعيدة عن الاستهداف، يقول القباطي: “هناك معوقات تتمثل بعدم التزام الحكومة بدعم الشركة، كونها الناقل الوطني الوحيد في البلاد، بالإضافة إلى تحمل الشركة لنفقات ورواتب الموظفين في أغلب المناطق رغم عدم عملهم، فضلاً عن خسائر الشركة بسبب الحرب”.

تذاكر هى الأغلي عالميا

وتعد أسعار التذاكر في طيران اليمنية هي الأغلى على الرغم من تدني الخدمات التي تقدمها الشركة، فقد وصل سعر التذكرة إلى 1000 دولار في ظل عدم وجود نقاط بيع التذاكر في المتناول، حيث يتم الحجز من مكاتب الشركة في عدن، كما أن الشركة غير ملتزمة بمواعيد الإقلاع والهبوط بشكل دقيق، كما أن الطائرات الخاصة بالشركة تفتقر إلى أبسط مقومات السلامة.

 
 

وعلى الرغم من تعدد المصادر الخاصة بالعائدات التي تحققها شركة طيران اليمنية من الغرامات ورسوم الشحن ورسوم التجديد وإعادة الإصدار، وهي إيرادات تساعد في تغطية النفقات التشغيلية، إلا أن إدارة الشركة لجأت إلى مضاعفة أسعار التذاكر حتى وصلت لتكون الأغلى عالمياً، وذلك بمبرر تعويض خسارتها بفعل الحرب. “المشاهد” تواصل مع رئيس مجلس إدارة الشركة الكابتن أحمد مسعود العلواني، للحديث عن هذه القضايا، لكنه اعتذر عن الحديث، ما جعل ”المشاهد” يبحث عن مصادر أخرى لمعرفة الأسباب المتسببة بتدني خدمات الشركة وارتفاع أسعارها، وأوضاعها الإدارية.

 

فبحسب مصدر مسؤول في الشركة تحدث لــ”المشاهد” وطلب عدم الكشف عن هويته، فإن “قرار رفع الأسعار جاء بالتنسيق مع قيادات عليا في الدولة، حيث جاء القرار استجابة للمتغيرات التي أنتجتها الحرب، والتي تسببت في زيادة ومضاعفة تكاليف الرحلات من خلال زيادة إيجارات الطائرات الخاصة بالشركة في المطارات الخارجية، وكذا صيانة الطائرات، والتي تتم بشكل دوري خارج اليمن، وما يترتب على ذلك من تسفير المهندسين وصرف بدل سفر لهم، حيث وصلت خسارة الشركة إلى أكثر من 100 مليون دولار سنوياً، ورغم هذه الخسارة، إلا أن الحكومة لم تقم بدورها في دعم الشركة، والأكثر من ذلك أن الحكومة لا تزال توجه بصرف تذاكر مجانية لبعض المواطنين الذين يمتلكون وساطات مع المسؤولين”.

وأضاف المصدر المسؤول أن “الشركة باتت تملك 4 طائرات فقط، إحداها متوقفة في مطار عدن منذ أكثر من عام، وبالتالي تقلص عدد الرحلات، والتي باتت محدودة، وهذا يجعل الشركة عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين وتجاه توفير احتياجات الرحلات، وخاصة الوقود وإيجارات الفنادق للطاقم الخاص بالطائرة، ولذا كان هناك توجه من إدارة الشركة لتقليص عدد المكاتب بما يحد من الصرفيات”. بعد تتبعنا للمعلومات من عدة مصادر من داخل الشركة وخارجها، وجدنا أن خدمات الشركة أصبحت رديئة جداً، حيث يتم الحجز عبر طوابير طويلة للزبائن، وفي كل فرع للشركة يوجد عدد بسيط من الموظفين في 4 فروع في عدن وعدد من الفروع في صنعاء، فيما موظفو الشركة قرابة 4000 موظف. من جهته، يؤكد المواطن عبدالله علي فارع لــ”المشاهد” أن هناك سمسرة في بيع التذاكر بزيادة تصل إلى 150 دولاراً حسب اضطرار المسافر.

 

وبحسب فارع، فإن هناك أساليب عدة تقوم بها شركة طيران اليمنية، حيث يتم إغلاق الرحلات عن قصد، ولا يتم تأكيد الحجز إلا من خلال موظف واحد في عدن وموظف آخر في صنعاء، ويتم فتح الرحلات في نظام الشركة لمدة ربع ساعة فقط، ويتم الإقفال، وتتحول بعدها العملية إلى عملية سمسرة.

 

ويضيف فارع أن “التعامل في اليمنية يتسم بالعشوائية، والاختلالات الإدارية في خدمات البيع والبوردنج والشحن تنبئ بمخاطر كبيرة، خاصة أن قسم الصيانة في الشركة يعاني العشوائية واللامسوؤلية، وهذا ما يزيد المخاوف من مخاطر حدوث كارثة، وخصوصاً بعد تعطل محرك إحدى الطائرات قبل أشهر، وهبوطها هبوطاً اضطرارياً بعد دقائق من إقلاعها”.

 

يشار إلى أن حركة الطيران المدني في اليمن، وبسبب الحرب، أصبحت مقتصرة على مطاري عدن وسيئون، كما أن هناك 5 وجهات للطيران فقط، هي القاهرة وعمَّان والخرطوم وجدة ومومباي، حيث تخضع الأجواء اليمنية لسيطرة كاملة من دول التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن، والذي تقوده السعودية والإمارات.