شجرة البن

مزارعو “صبر” لم يفلحوا في الحفاظ على شجرة البن

تعز – فخر العزب:

 

حاول المزارع عبدالوهاب علي، زراعة البن في إحدى مزارعه بمنطقة أكمة حبيش في مديرية صبر الموادم التابعة لمحافظة تعز (جنوب غرب اليمن)، بعد أن باشر قلع شجرة القات منها، لكن عدم توفر الماء بكميات مناسبة، أدى إلى موت أشجار البن التي غرسها في المزرعة.


وتحتاج شجرة البن إلى كميات كبيرة من المياه، وهي غير متوفرة في المنطقة كما كان في السابق، الأمر الذي يقف عائقاً أمام المزارعين، بحسب حديث علي لـ”المشاهد”، مشيراً إلى عدم وجود جهات حكومية، أو منظمات داعمة لمزارعي شجرة البن، كي يتمكنوا من مواجهة المشاكل التي تعترضهم خلال زراعة هذه الشجرة.


مزارعون آخرون في المنطقة، اقتلعوا أشجار القات من بعض مزارعهم، واستبدلوها بشجرة البن، لكنهم واجهوا نفس المشكلة التي واجهها ابن منطقتهم علي، علماً أن المنطقة، ومناطق أخرى مجاورة لها تعاني من الجفاف عند انقطاع موسم الأمطار، مع غياب البدائل لخزن المياه الكافية لري مزارعهم في مواسم الجفاف.


ولم تُعرف المساحة المزروعة بالبن في صبر المقدرة بـ202 كم2، لكن المساحة المزروعة بالبن في اليمن تقدر بـ35 ألف هكتار، يعمل فيها أكثر من 100 ألف أسرة زراعية، مقابل 170 ألف هكتار مزروعة بالقات، بحسب تقديرات وزارة الزرعة.


وتشهد عدد من مناطق جبل صبر تنافساً بين أشجار القات وعدد من المحاصيل الزراعية الأخرى، أبرزها شجرة البن التي كانت زراعتها تغطي المساحة الزراعية بالكامل في المنطقة، وكان محصولها يصدر إلى الخارج عبر ميناء المخا، الذي انطلقت منه أولى عمليات تصدير البن من اليمن إلى بقية دول العالم، في منتصف القرن الـ15 الميلادي، وتحديداً في العام 1450م.

ويدخل جبل صبر الذي يشرف على المناطق الجنوبية من أعلى قمة فيه هي قمة جبل العروس، ضمن مناطق المرتفعات الوسطى والجنوبية، ويشكل معلماً تضاريسياً.
وتمتاز أغلب مناطق جبل صبر ببيئة ملائمة لزراعة البن، غير أن مزارعيها استبدلوا زراعة القات بدلاً عنها، كما فعل أغلب مزارعي البن في محافظات يمنية عدة، ومن حافظ على أشجار البن في مزارعه، فلا يجني منها سوى ما يكفي احتياجه الشخصي.


وتنمو شجرة البن في المناخ الاستوائي الذي يكون حاراً رطباً في موسم النمو، وحاراً جافاً في موسم القطاف، حيث تزرع في أرض على ارتفاع ما بين 200 و2000 متر عن سطح البحر.

 

ويقول المزارع عبده غالب أحمد لــ”المشاهد” إن معظم مناطق جبل صبر مناسبة لزراعة البن ذي الجودة العالية، وأن معظم المناطق كانت تزرع البن بالإضافة إلى محاصيل زراعية أخرى مثل الذرة بأنواعها والزيتون والمانجو، قبل أن تغزوها شجرة القات، ومع ذلك لا زالت بعض المناطق محافظة على زراعة البن، مثل منطقة ”طالوق” و“وادي جار” التي تنتج أجود أنواع البن في اليمن.

وتحتاج زراعة البن للاهتمام أكثر من شجرة القات والمحاصيل الأخرى، وعناية دائمة، من خلال تظليلها بالأشجار، ومكافحة الفطريات والحشرات التي تعتدي عليها، لكن المزارعين لا يمتلكون الوسائل الضرورية لحماية أشجار البن، ناهيك عن عدم وجود جهات توفر المبيدات الخاصة بقتل هذه الحشرات والفطريات للمزارعين.


ويؤكد المزارعون في جبل صبر أن العوامل الاقتصادية هي التي تدفعهم إلى تفضيل زراعة شجرة القات على زراعة البن أو المحاصيل الزراعية الأخرى، لأن للقات مردوداً مالياً جيداً طوال العام، أضعاف مردود إنتاج البن، بحسب المزارع عبدالرحمن قائد لــ”المشاهد”، مشيراً إلى أنهم كمزارعين يعتمدون في معيشتهم على الأرض، وليس لديهم مصدر رزق آخر.

ويقول: “ليس لدينا وظائف ولا تجارة، والقات سعره أغلى من البن، وكذلك نقطف القات عدة مواسم في السنة، بينما شجرة البن تقطف في موسم واحد في العام، ومزارعو شجرة البن لا يحظون بدعم الدولة ولا غيرها، والمزارع يفكر بمصلحته ومصلحة أسرته، ونحن مصلحتنا ورزقنا في زراعة القات”.


ويحتل القات جزءاً كبيراً من المساحات الصالحة للزراعة، في صبر، وتشكل عائداته مصدراً مهماً لجزء كبير من سكانه.

وتزرع بذور البن في أحواض كبيرة في مشاتل مظللة، ويتم بعد ذلك إزالة الشتلات الصغيرة لزراعتها في التربة، وتحتاج الشتلات لكميات كبيرة من المياه، مع تظلليها من أشعة الشمس، وتتم زراعتها بعد سقوط الأمطار في التربة الرطبة. 

 

المشاهد